ومع ذلك، فأنا لا أناقشه في ذاك القبيل، على شرط أن لا يتعدّى إلى إساءة القول في الأئمة الذين مقامهم عند أتباعهم من المسلمين لا يقلّ عن مقام أبي حنيفة عند أتباعه.
ومقامهم عند أهل العلم المحققين الأبرياء من الهوى ــ من الحنفية وغيرهم ــ عظيم جدًّا. حتى سمعت من بعض أهل العلم من الحنفية، وبُلِّغت عن غيره منهم الإنكار الشديد على الأستاذ.
ثم ذكر الأستاذ (ص ١٢ - ١٥) بعض أسباب طعن بعضهم في أبي حنيفة، كالقول بالرأي، والإرجاء، والقول بخلق القرآن.
وهذا لا تعلُّق له بمناقشتي، فأما المسائل الاعتقادية، فقد نظرت فيها في قسم الاعتقاد (١) تحرِّيًا لما هو الحقّ إن شاء الله، لا بقصد الطعن في المخالف.
ثم ذكر (ص ١٥) شَرْح طريقته في البحث عن أسانيد المثالب، فقال:«منها أن أخبار الآحاد ــ على فرض ثقة رواتها ــ لا تناهض العقل، ولا النقل المستفيض، فضلًا عن المتواتر».
[ص ٧] أقول: هذا مما أوافقه عليه، ولكن ذلك لا يبيح المغالطة وسوء الطعن في الثقات، بل يقال ــ مثلًا ــ: هذا سند رجاله ثقات، ولكن متنه باطل؛ لمعارضته المعقول، أو المتواتر، أو نحو ذلك.
(١) من كتاب التنكيل واسمه «القائد إلى تصحيح العقائد». وقد سبقت الإشارة إليه (ص ٨).