ولو اكتفى الأستاذ بهذا لما احتجت إلى أن أتعب في مناقشته.
وكذلك من يريد مناقشته في الموضوع، يكفيه أن ينازعه ــ إن أمكنه ــ في صحة دلالة العقل، أو في ثبوت التواتر.
وبذلك يتوفَّر الوقت على الأستاذ ومخالفيه، ويسهل الوصول إلى الحق عن قرب، ولا نكون ضُحْكة بين الناس، يقول أحدنا: إذا طعنوا في إمامي طعنت في إمامهم، وإذا طعنوا في مشايخي طعنت في مشايخهم، وإذا طعنوا في مذهبي طعنت في مذهبهم، وهكذا يؤول حال أهل العلم إلى المهاترة، ولا يوصل إلى حقيقة علمية.
نعم، إن المدَّعى عليه إذا كان قابضًا للدار أو الأرض ــ مثلًا ــ، قد يحب المشاغبة وطول المنازعة، والخروج عن موضوع الدعوى، على أمل أن تخور قُوى المدَّعي؛ لطول المصابرة، فيسكت، كما أن المدّعي قد يحبّ مثل ذلك، على أمل أن يسأم المدَّعَى عليه طولَ النزاع، فيصالحه على الأقل.
لكن هذا إنما يكون في أهل الباطل، فأما إذا كان المدَّعي والمدَّعَى عليه محبين للحق، فما عليهما إلا مفاوضة ساعة، بأن ينظر كلٌّ منهما في حجة صاحبه، فإن لم يتفقا رجعا إلى قاضٍ أو محكَّمٍ، وشرحا له الواقع كما هو.
لكن حالنا ــ كما لا يخفى ــ حال أهل الباطل، والله أعلم بالمُبْطِل، فأحد المختلفين رمى صاحبه بأنه مبطل مشاغب له، وصاحبه يكيل له أضعاف ذلك. وإلى الله المشتكى.
[ص ٨] قال الأستاذ (ص ١٥) أيضًا: «ومنها أن بين علماء الجرح والتعديل من يسجل أسماء المجهولين في عداد الثقات».