للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليه معروفًا بجحد الحقوق. أقول هذا لزيادة الإيضاح، وإلا فالواقع أننا لا نتهمهم مطلقًا حتى لو شهد أحدهم لنفسه على آخر منهم وأنكر ذاك لم نتهم واحدًا منهما، بل نعتقد أن أحدهما نسي أو غلط. وليس ذلك خاصًّا بهم، بل كل من ثبتت عدالته لا يتهمه عارفوه الذين يعدِّلونه ولا الواثقون بتعديل المعدِّلين. فإن اتهمه غيرهم كان معنى ذلك أنه غير واثق بتعديل المعدّلين، ومتى ثبت التعديل الشرعيّ لم يُلتفت إلى من لا يثق به.

ولو كان لك أن تعدِّل الرجل وأنت لا تأمن أن يدعي الباطل ويشهد لنفسه زورًا بخمسة دراهم مثلًا، لكان لك أن تعدِّل من تتهمه بأنه لو رشاه رجل عشرة دراهم أو أكثر لشهدوا له زورًا. وهذا باطل قطعًا، فإنَّ تعديلك للرجل إنما هو شهادة منك له بالعدالة، والعدالة "مَلَكة تمنع صاحبها من اقتراف الكبائر وصغائر الخسة ... " فكيف [١/ ٤٠] يسوغ لك أن تشهد بهذه المَلَكة لمن تتهمه بما ذكر؟ ولو كان كلُّ عدل حقيقًا بأن يتهمه عارفوه بنحو ما ذكر لما كان في الناس عدل.

وفي أصحابنا من لا نتهمه في شهادته ولو حصل له بسببها مائة درهم أو أكثر، كأن يدعي صاحبنا على فاجر بمائة درهم فيجحده، ثم تتفق للفاجر خصومة أخرى، فيجيء إلى صاحبنا فيقول له: أنت تعرف هذه القضية، فاحضر، فاشهد بما تعلم، فيقول صاحبنا: نعم أنا أعرفها، ولكنك ظلمتني مائة درهم، فأدِّها إليَّ إن أردت أن أشهد، فيدفع له مائة درهم، فيذهب فيشهد= فإننا لا نتهم صاحبنا في دعواه ولا شهادته.

وفي أصحابنا مَن لو اؤتُمِن على مئات الدراهم، ثم بعد مدة ادعى ما