للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

متجاوزًا الحدَّ. وإنما الرجل ــ لما فيه من النَّصْب ــ يرى التشيُّع مذهبًا سيئًا، وبدعةَ ضلالةٍ، وزيغًا عن الحقّ وخذلانًا؛ فيطلق على المتشيِّعين ما يقتضيه اعتقاده، كقوله: "زائغ عن القصد ــ سيِّئ المذهب"، ونحو ذلك.

وكلامه في الأعمش ليس فيه جرح، بل هو توثيق، وإنما فيه ذمّ بالتشيع والتدليس. وهذا أمر متفق عليه: أن الأعمش كان يتشيَّع ويدلّس، وربما دلس عن الضعفاء، وربما كان في ذلك ما يُنْكَر. وهكذا كلامه في أبي نعيم. فأما عُبيد الله بن موسى فقد تكلم فيه الإمام أحمد وغيره بأشدّ من كلام الجوزجاني.

وتكلم الجوزجاني في عاصم بن ضَمْرة. وقد تكلم فيه ابن المبارك وغيره، واستنكروا من حديثه ما استنكره الجوزجاني. راجع "سنن البيهقي" (ج ٣ ص ٥١). غاية الأمر أن الجوزجاني هوَّل، وعلى كلِّ حال فلم يخرج من كلام أهل العلم. وكأنّ ابن حجر توهّم أن الجوزجاني في كلامه في عاصم (١) يُسِرُّ حَسْوًا في ارتغاء (٢). وهذا تخيّل لا يُلتفت إليه.

وقال الجوزجاني في يونس بن خباب: "كذاب مفتر" (٣). ويونس وإن وثقه ابن معين، فقد قال البخاري: "منكر الحديث". وقال النسائي مع ما


(١) انظر كلام الجوزجاني في "الشجرة" (ص ٣٤ - ٤٢) وتعقب الحافظ في "التهذيب": (٥/ ٤٥).
(٢) "يُسِرُّ حسوًا في ارتغاء" مثلٌ يضرب لمن يُظهِر أمرًا وهو يريد خلافه. انظر "مجمع الأمثال": (٣/ ٥٢٥) و"فصل المقال" (ص ٧٦). يريد أن الحافظ توهّم أن الجوزجاني أراد اتهام عاصم بالكذب وإن لم يفصح في كلامه بذلك.
(٣) (ص ٥٠).