للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إنما يعتمد الناس في جرح الرواة وردِّ حديثهم على الكتب التي صنفها أئمة الحديث ... وقلَّما يتعرّضون [فيها] لبيان السبب، بل يقتصرون على ... "فلان ضعيف"، و"فلان ليس بشيء" ونحو ذلك ... ، فاشتراط بيان السبب يُفضي إلى تعطيل ذلك، وسدِّ باب الجرح في الأغلب الأكثر. وجوابه: أن ذلك وإن لم نعتمده في إثبات الجرح والحكم به، فقد اعتمدناه في أن توقَّفْنا عن قبول حديث مَن قالوا فيه مثل ذلك، بناءً على أن ذلك أوقع عندنا فيهم ريبةً قويةً يُوجِب مثلُها التوقّف. ثم مَن انزاحت عنه الريبة منهم ببحْثٍ عن حاله أوجبَ الثقة بعدالته قبِلنا حديثه، ولم نتوقف؛ كالذين احتج بهم صاحبا "الصحيحين" وغيرهم (١) ممن مسَّهم مثل هذا الجرح من غيرهم. فافهم ذلك، فإنه مَخْلَص حسن" (٢).

وتبعه النووي في "التقريب" (٣) و"شرح صحيح مسلم" (٤) ولفظه هناك: "على مذهب من اشترط في الجرح التفسيرَ نقول: فائدة الجرح فيمن جُرِحَ مطلقًا أن يتوقّف عن الاحتجاج به إلى أن يبحث عن ذلك الجرح ... ".

وذكر العراقي في "ألفيته" و"شرحها" (٥) بعض الذين أشار ابن الصلاح إلى أن صاحبي "الصحيحين" احتجَّا بهم وقد جُرِحوا، فذكر ممن روى له البخاري: عكرمةَ مولى ابن عباس، وعمرو بن مرزوق الباهلي، وممن روى


(١) في "المقدمة": "وغيرهما".
(٢) "مقدمة ابن الصلاح" (ص ١٠٨ - ١٠٩).
(٣) (١/ ٣٦٠ - ٣٦١ - مع تدريب الراوي).
(٤) (١/ ٦٢).
(٥) (ص ١٤٨ - ١٤٩).