للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حتى يتبين منهم ما يوجب القدح. نص على ذلك في "الثقات" (١). وذكره ابن حجر في "لسان الميزان" (ج ١ ص ١٤) (٢) واستغربه. ولو تدبَّر لوجد كثيرًا من الأئمة يبنون عليه، فإذا تتبَّع أحدُهم أحاديثَ الراوي، فوجدها مستقيمة تدل على صدق وضبط، ولَم يبلغه ما يوجب طعنًا في دينه= وثَّقه، وربما تجاوز بعضهم هذا كما سلف (٣) وربما يبني بعضهم على هذا حتى في أهل عصره.

وكان ابن معين إذا لقي في رحلته شيخًا فسمع منه مجلسًا، أو ورد بغدادَ شيخٌ فسمع منه مجلسًا، فرأى تلك الأحاديث مستقيمة، ثم سئل عن الشيخ= وثَّقه. وقد يتفق أن يكون الشيخ دجالًا استقبل ابنَ معين بأحاديث صحيحة، ويكون قد خلَّط قبل ذلك، أو يخلِّط بعد ذلك. ذكر ابن الجنيد (٤) أنه سأل ابنَ معين عن محمد بن كثير القرشي الكوفي، فقال: "ما كان [١/ ٦٨] به بأس". فحكى له عنه أحاديث تُستنكر، فقال ابن معين: "فإن كان هذا الشيخ


(١) (١/ ١١ - ١٣).
(٢) (١/ ٢٠٨ - ٢٠٩).
(٣) يشير إلى ابن حبان، فإنه قد يوثق الرجال بإيراده إياه في الكتاب المذكور "الثقات" مع أنه لا يعرفه. ويؤيد ذلك أنني رأيته قال في بعض المترجمين عنده: "لا أعرفه، ولا أعرف أباه"! وعلى مثل هذا التوثيق أقام كتابه "الصحيح" المعروف به، فاحفظ هذا، فإنه مهم، لم يتنبه له إلا أهل التحقيق في هذا العلم الشريف، منهم المصنف رحمه الله وجزاه خيرًا، كما تقدم (وانظر كلامه الآتي في آخر الصفحة التالية: الأمر التاسع) وقد بسطت القول في هذه المسألة في "الرد على التعقيب الحثيث" (ص ١٨ - ٢١) فليراجع. [ن].
(٤) "سؤالاته" (ص ٨٨٧). وانظر "تراجم منتخبة" رقم (٢٦٧) للمؤلف.