تصرف فيها ذاك التصرُّف لا تشفي غيظه ولا تفي بغرضه، فاضطُرَّ إلى ما وقع منه. ويدل على هذا أني لم أر كلمة واحدة من كلمات التليين في الذين يريد جرحهم تصرَّف فيها، فجاءت عبارته أخفَّ من أصلها، بل رأيته يحافظ على حرفية الجرح حيث يراه شافيًا لغيظه، [١/ ١١١] كما يأتي في الترجمة رقم (٢٣) وغيرها! وعلى هذا يكون اعتذاره المذكور اعترافًا بما قلته في «الطليعة»(ص ٦٦)(١).
وقول الأستاذ:«مما يُزال بلعل ولعل» يريد به قول الخطيب: « .. فلعل بعض الطلبة ... ». وقد مر. ولولا شدة غيظ الأستاذ على المحدِّثين لاكتفى بنص عبارة الدارقطني وعبارة الخطيب قائلًا: فعلى هذا ينبغي التثبُّت فيما يرويه عن النجاد مَنْ لم يكن في عصره معروفًا بالتيقظ، وراوي تينك الحكايتين عن النجاد هو محمد بن عبد الله بن أبان الهِيتي قال فيه الخطيب:« ... وكان مغفَّلًا مع خلوِّه عن علم الحديث ... ». وإذا كانت هذه نهايته فما عسى أن تكون بدايته؟ فلا يؤمَن أن يكون سمع تينك الحكايتين من النجاد في ذاك المجلس الذي حدَّث فيه النجاد من كتاب غيره بما ليس في أصوله.
أقول: لو كان الأستاذ يكفكف من نفسه لاكتفى بهذا أو نحوه. فإذا قيل له: القضية النادرة لا يعتدُّ بها في حمل غيرها عليها، وإنما الحمل على الغالب؛ فقد يمكنه أن ينازع في هذا. أما أنا فأقول: إنما قال الدارقطني: «بما