الثاني: قوله: «قد روى علي بن حَمْشاذ» بصيغة الجزم والتحقيق مع أنه إنما أخذ الحكاية من «تاريخ الخطيب»، وإنما قال الخطيب:«حُدّثت عن أبي نصر محمد بن أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي قال: سمعت علي بن حمشاذ يقول ... ». فلم يذكر الخطيب من حدَّثه، فكيف يجزم الأستاذ ويحقق؟
فإن قيل: إن الخطيب أعلّ القصة بالأصبهاني، فدلَّ ذلك على ثقة الخطيب بمن حدَّثه.
قلت: ليس هذا بلازم، فقد لا يكون الخطيب وثق بمن حدَّثه حق الثقة، ولكن رأى إعلال الحكاية بالأصبهاني كافيًا. ومع ذلك فقد ذكر الأستاذ (ص ٥٦) قول الحِمَّاني: سمعت عشرة كلهم ثقات يقولون: سمعنا أبا حنيفة يقول: القرآن مخلوق. فقال الأستاذ:«قول الراوي: سمعت الثقة، يُعَدُّ كرواية عن مجهول، وكذا الثقات». فهل يستثني الأستاذ أبا بكر الخطيب من هذه القاعدة، ويزيد فيرى أنه إذا لم يسمِّ شيخه وأشار إلى أنه لم يتهمه ثبت بذلك ثقةُ شيخه؛ فتقوم الحجة بقول الخطيب:«حُدِّثت عن فلان»، ولا تقوم بقول غيره:«حدثني عشرة كلهم ثقات»؟ !
الثالث: قوله: «بأن يقول [الخطيب]: إن أحمد بن عبد الله الأصبهاني مجهول».
وإنما قال الخطيب: «قلت: كان عبد الله بن أحمد أتقى لله من أن يكذِّب من هو عنده صادق، ويحتجَّ بما حكى عنه هذا الأصبهاني. وفي هذه