الحكاية نظر من جهته». وليس في العبارة كلمة «مجهول» ولا هي صريحة في معناها؛ إذ يحتمل أن يكون الخطيب عرف الأصبهاني بالضعف، ويحتمل أنه لم يعرفه، ولكن استدل بنكارة حكايته على ضعفه. ولا يلزم من [١/ ١٢٠] عدم معرفته له أن يجزم بأنه مجهول، فإن المتحري مثل الخطيب لا يطلق كلمة:«مجهول» إلا فيمن يئس من أن يعرفه هو أو غيره من أهل العلم في عصره، وإذا لم ييأس فإنما يقول:«لا أعرفه». ومن لم يراع هذا وقع فيما وقع فيه الأستاذ في مواضع تقدمت أمثلة منها في «الطليعة»(ص ٨٦ - ٩٣)(١).
الرابع: قوله: «كيف وهو من ثقات شيوخ ابن حمشاذ». لا أضايق الأستاذ في إطلاقه أن هذا الرجل من شيوخ ابن حمشاذ، وإن لم يعرف لابن حمشاذ عنه إلا هذه الحكاية، إن صحَّ أن ابن حمشاذ حكاها؛ ولا في جزمه بذلك مع ما مرَّ في الأمر الثاني. وإنما النظر في جزمه بأن هذا الرجل من الثقات، فمن أين لك ذلك؟ أنقلًا؟ فلماذا لم يذكره؟ أم اجتهادًا؟ فما حجته؟ أم مجازفة؟ فالله حسيبه.
والذي يظهر ــ إن كان ابن حمشاذ حكى هذه الحكاية ــ أن الأصبهاني أصغر منه. فإن كان ابن حمشاذ ــ كما يأتي ــ يروي فيكثر عن عبد الله بن أحمد وعن الكُديمي، وسماعه منهما ببغداد كما هو ظاهر، فلو سمع الحكاية حين كان ببغداد أو قبل ذلك لكان الظاهر أن يستثبت عبد الله بن أحمد، ولو فعل لحكى ذلك مع الحكاية. فدل هذا على أنه إن كان حكاها