للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحفظ من خمسين مثل الصُّوري». وفي «التذكرة» (ج ٣ ص ٣١٤) (١): «قال ابن ماكولا: كان أبو بكر الخطيب آخر الأعيان ممن شاهدناه معرفةً وحفظًا وإتقانًا وضبطًا لحديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وتفنّنًا في علله وأسانيده، وعلمًا بصحيحه وغريبه وفَرْده ومنكره ومطروحه. ثم قال: ولم يكن للبغداديين بعد الدارقطني مثله، وسألت الصُّوري عن الخطيب وأبي نصر السِّجْزي، ففضَّل الخطيبَ تفضيلًا بيِّنًا». وقد علمتَ أن الصُّوري توفي سنة ٤٤١ أي: قبل وفاة الخطيب باثنتين وعشرين سنة، ووفاةُ السِّجزي سنة ٤٤٤، وابنُ طاهر لقي الحبَّال سنة ٤٧٠ كما في «التذكرة» (ج ٣ ص ٣٦٣) (٢). فتفضيلُ الحبَّال بين السِّجزي والصُّوري كان بعد موتهما، فهو بحسب ما انتهى إليه أمرهما. وأما تفضيل الصوري [١/ ١٤٠] بين الخطيب والسِّجزي ففي حياتهما، لكن أحدهما وهو السِّجزي كان في أواخر عمره، والآخر وهو الخطيب في وسط عمره؛ لأن الصوري مات سنة ٤٤١ كما مرَّ، فالسؤال منه وجوابه يكون قبل ذلك. فإذا فرضنا أنه قبل ذلك بشهر مثلًا، حيث كان سنُّ السائل وهو ابن ماكولا نحو عشرين سنة فإن مولده ٤٢٢، كان قبل وفاة السّجزي بنحو ثلاث سنين، وقبل وفاة الخطيب بنحو اثنتين وعشرين سنة.

فيخرج مما تقدم أن الخطيب ــ باعتراف الصوري ــ كان قبل موته باثنتين وعشرين سنة بحيث يفضَّل تفضيلًا بيّنًا على مَنْ هو بحكم الحبَّال


(١) (٣/ ١١٣٧). ووقع في (ط): (ج ١) خطأ.
(٢) (٣/ ١١٩٤).