للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحفظ من خمسين مثل الصُّوري، فما عسى أن يكون بلغ بعد ذلك؟

وإذا كانت النسبة بينهما هي هذه، فما معنى ما حكي عن ابن الطيوري؟ هل معناه أن الصوري ابتدأ في أكثر الكتب التي تُنسب إلى الخطيب ولم يُتمَّ شيئًا منها؟ يقول ابن السمعاني: إن مؤلفات الخطيب ستة وخمسون مصنفًا. فهل ابتدأ الصوري في عمل ثلاثين مصنفًا أو نحوها ولم يتمّ شيئًا منها؟ فإن كان أتمَّ شيئًا منها أو قارب، أو على الأقل كتب منه كراسة مثلًا، فقد كان ابن الطيوري من أخصِّ الناس بالصوري ــ كما يؤخذ من «لسان الميزان» (ج ٥ ص ١٠) (١) ــ أفلم يكن عنده شيء من ابتداءات الصوري، فيُبرزه للناس تصديقًا لقوله؟

ولعل أصل الحكاية على ما يؤخذ من «معجم الأدباء» (٢): أن الكتب التي كانت في ملك الصُّوري صار جملةٌ منها بعد موته إلى الخطيب، فاستفاد منها الخطيب. لكن قد علمنا أن الخطيب لا يكاد يورد شيئًا إلا بأسانيده المعروفة، ومَن تدبَّر مؤلفاته علم أنها من مشكاة واحدة أوائلها وأواخرها (٣).

هذا، وفي رواية عن ابن الطيوري أن الصُّوري كان ترك كتبه عند أختٍ له بصُور، وأن الخطيب أخذها عند خروجه إلى الشام (كأنه يعني: عند


(١) (٦/ ٤٥٣).
(٢) (١/ ٣٨٧ - ٣٨٨).
(٣) وعلق الذهبي على الخبر بقوله: «ما الخطيبُ بمفتقرٍ إلى الصوري، هو أحفظ وأوسع رحلة وحديثًا ومعرفة». «السير»: (١٦/ ٢٢٨).