للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ستين سنة، فإنه توفي سنة ٣٥١؛ والظاهر مما ذكروه من أنه أقام بمكة زمانًا أنه لم يسكن بغداد إلا بعد وفاة [١/ ١٦٠] الأ بَّار بمدة= فبالنظر فيما تقدم يتبين أنه ليس هناك أدنى قرينة أن يكون دعلج وصل الأ بَّار بفَلْس واحد.

أما ابن خزيمة فإنه توفي سنة ٣١١ أي: بعد وفاة الأ بَّار بإحدى وعشرين سنة، وإنما تجرد للتأليف في العقائد في أواخر عمره. وفي «تذكرة الحفاظ» (ج ٢ ص ٢٦٢) (١) عن الحاكم عن جماعة: «لما بلغ ابن خزيمة من السن والرياسة والتفرُّد بهما ما بلغ، كان له أصحاب صاروا أنجم الدنيا .. فلما ورد منصور الطوسي كان يختلف إلى ابن خزيمة للسماع وهو معتزلي ... واجتمع مع أبي عبد الرحمن الواعظ وقالا: هذا إمام لا يسرع (؟ ) (٢) من الكلام وينهى عنه، وقد نبغ له أصحاب يخالفونه وهو لا يدري، فإنهم على مذهب الكلابية (٣) ... ». ثم ذكر كلامًا فيه أن ذلك الخلاف كان بعد ضيافةٍ عملها ابن خزيمة «في جمادى الأولى سنة تسع» يعني سنة ٣٠٩، وكأن ذاك الخلاف هو الذي دعا ابن خزيمة إلى التأليف في العقائد. وعلى كلّ حال فالظاهر البيِّن أن أخذَ دعلجٍ كتبَ ابن خزيمة وإفتاءه بقوله إنما كان بعد وفاة الأ بَّار بمدة.

وإنما الثابت أن الأ بَّار كان ساخطًا على أبي حنيفة سخطًا ما، كما يدل عليه جمعه ما جمع، وذلك شأن أهل الحديث في عصره كالبخاري


(١) (٢/ ٧٢٤).
(٢) كذا وضعها المؤلف استشكالًا للكلمة وهي في «السير»: (١٤/ ٣٧٧): «لا يُسْرِع في ... ». وبه يستقيم السياق.
(٣) (ط): «الكلامية» خطأ، والمثبت من «التذكرة» و «السير».