للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد نعيتُ على الأستاذ في «الطليعة» (ص ٩٣) (١) أنه: «يتعارف المجاهيل ويحتج بروايتهم إذا كانت روايتهم توافق هواه». ثم ذكرت (ص ٩٣) هذه الحكاية، وقلت: «كذا قال، ثم لم يبيِّن ما يُعرف به أولئك الذين جهلهم الخطيب». فتعامى الأستاذ في «الترحيب» عن ذلك، فلم يذكر فيه شيئًا! فلننظر في سند هذه الحكاية أصحيح هو؟ حتى يسوغ للأستاذ أن يجزم بقوله: «يقول ابن أبي خيثمة». وماذا قال الخطيب في هذه الحكاية؟ أرَكِبَ كلَّ مركبٍ للتخلص منها بدون جدوى؟

قال الخطيب (ج ٤ ص ٢٠٩): «أخبرنا علي بن المحسِّن التنوخي، حدثني أبي، ثنا أبو بكر محمد بن [١/ ١٧٢] حمدان بن الصباح النيسابوري بالبصرة، حدثنا أبو علي الحسن بن محمد الرازي، قال: قال لي عبد الله بن أبي خيثمة: قال لي أبي أحمد بن أبي خيثمة: اكتب عن هذا الشيخ يا بُني، فإنه يكتب معنا في المجالس منذ سبعين سنة ــ يعني أبا العباس أحمد بن الصلت المغلِّس الحِمَّاني»

قال الخطيب: «قلت: لا أُبعِد أن تكون هذه الحكاية موضوعة، وفي إسنادها غير واحد من المجهولين، وحالُ أحمد بن الصلت أظهر من أن يقع فيها الريبة».

فلندع الجملة الأولى والثالثة، ولننظر في الوسطى، هل جميع رجال السند معروفون ثقات، حتى يسوغ للأستاذ أن يعوِّل بدون جدوى، وأن يجزم بنسبة ذاك القول إلى ابن أبي خيثمة؟ أما عليّ بن المحسِّن وأبوه


(١) (ص ٧٢).