للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن غرائب الأستاذ أن يحاول تثبيت ما وقع في الجزء المذكور مع احتماله كما رأيت، ثم يحاول في «التأنيب» (١) أن يخفي اصطلاح ابن مخلد في «الأكابر» ويثبت أنه إنما يعني بهم الذين ولدوا قبل مالك، ثم يبالغ في الثناء على ابن مخلد ليخدش بصنيعه المزعوم في نصوص المتقدمين الصريحة= كلُّ ذلك لِيثبتَ أن أبا حنيفة أدرك جماعةً من الصحابة وأكابر التابعين، ويحتمل أن يكون سمع منهم، مع علمه أنه لا تثبت عن أبي حنيفة رواية واحدة عن واحد منهم، ويغفل عن النتيجة التي سلفت الإشارة إليها!

قال الأستاذ: «ومنها أن العُقيلي روى في ترجمة حماد بن أبي سليمان ما يفيد أن إبراهيم بن يزيد النخعي لما مات اجتمع خمسة من أهل الكوفة فيهم عمر بن قيس الماصر وأبو حنيفة، فجمعوا نحو أربعين ألف درهم، ثم أعطوه حماد بن أبي سليمان ليستعين به ويتفرغ لرياسة الجماعة في العلم. وكانت وفاة إبراهيم النخعي سنة ٩٥، ولو كان ميلاد أبي حنيفة سنة ثمانين لكان سِنُّه عند وفاة النخعي خمس عشرة سنة، ومن يكون في مثل هذا السنِّ لا يتصوَّر أن يهتمَّ هذا الاهتمام بمن يخلف النخعي ... ».

أقول: قال الأستاذ نفسُه فيما علَّقه على «مناقب أبي حنيفة» للذهبي (ص ٧): «قال العُقَيلي في «الضعفاء»: حدثنا أحمد بن محمد الهروي، قال: حدثنا محمد بن المغيرة البلخي، قال: حدثنا [١/ ١٨٨] إسماعيل بن إبراهيم، قال: حدثنا محمد بن سليمان الأصفهاني، قال: لما مات إبراهيم اجتمع خمسة من أهل الكوفة فيهم عمر بن قيس الماصر وأبو حنيفة، فجمعوا أربعين ألف درهم، وجاؤوا إلى الحكم بن عتيبة، فقالوا: إنا قد جمعنا أربعين ألف درهم نأتيك بها وتكون رئيسنا في


(١) (ص ٢٠ القديمة و ٣٨ الجديدة).