للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بل كانوا يعدُّونه في جملة المختلطين الذين يوثِّقهم أهلُ العلم ويحتجُّون بما سمع منهم قبل الاختلاط.

فأما قوله: «ذكره أحمد بالغفلة فقط»؛ فأحمد إمام ورع، إذا كفاه غيرُه الكلامَ في رجل، ورأى الناسَ قد تركوا حديثه؛ لم يستحسن أن يشيع الكلام فيه. ومع ذلك فلم يشر أحمد إلى أن الغفلة طرأت، كما زعم الأستاذ، بل قضية كلامه أن الرجل لم يزل كذلك.

وأما قول ابن معين: «ليس بشيء»، فلا ريب أنه قد يقولها في الراوي بمعنى قلَّة ما رواه جدًّا، يعني أنه لم يسند من الحديث ما يُشْتَغَل به، كما مرت الإشارة إليه في ترجمة ثعلبة. فأما أنه كثيرًا ما يقول هذا فيمن قلَّ حديثه، فهذه مبالغة الأستاذ! وعلى ذلك، فقد مضى تحقيقُ ذلك في ترجمة ثعلبة من «الطليعة» (١). وحاصله: أن الظاهر المتبادر من هذه الكلمة الجرحُ، فلا يُعدَل عنه إلا بحجة، فلما كان ابن معين قد وثَّق ثعلبة، ولم يقدح فيه غيرُه، وثعلبة قليل الحديث جدًّا= تبيَّن أن مراد ابن معين بتلك الكلمة ــ لو ثبتت ــ قلة الحديث.

وأبو العطوف لم يوثِّقه ابن معين ولا غيره، بل أوسعوه جرحًا، وحديثه غير قليل. فقد ذكر له الأستاذ خمسة، وفي [١/ ٢١٦] «لسان الميزان» (٢) ثلاثة أخرى، لو لم يكن له غيرها لما كانت من القلة بحيث يصح أن يقال: إنها ليست بشيء. ولولا أنهم تركوه ولم يكتبوا حديثه لوجدنا له غيرَ ما ذُكر.


(١) (ص ٦٠ - ٦٢).
(٢) (٢/ ٢٤٦).