وتأمَّلْ أيُّها القارئ مقدِّمة رسالة العمل بالحديث الضعيف لترى هل هي رسالة مستقلَّة أو هي مستلَّة من كتاب العبادة:
«بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، وسلام على عباده الذين اصطفى.
أما بعد: فهذه رسالة في أحكام الحديث الضعيف، جمعتها لما رأيت ما وقع للمتأخرين من الاضطراب فيه، فنسب بعضهم إلى كبار الأئمة الاحتجاج به، ونسب غيره إلى الإجماع استحباب العمل به في فضائل الأعمال ونحوها، وتوسع كثير من الناس في العمل به حتى بنوا عليه كثيرًا من المحدثات وأكدوا العمل بها، وحافظوا عليها أبلغ جدًّا من محافظتهم على السنن الثابتات، بل والفرائض القطعيات، بل كثيرًا ما بنوا عليه عقائد مخالفة للبراهين القطعية من الكتاب والسنة والمعقول، ولم يقتصروا على الضعاف بل تناولوا الموضوعات، وأنكر جماعة جواز العمل بالضعيف مطلقًا، ....
ومن المانعين القاضي أبو بكر بن العربي والمحقق الشاطبي صاحب كتاب الموافقات في أصول الفقه وغيره.
ثم نصَّ بعض الفقهاء الشافعية كالزركشي في مقدمة «الذهب الإبريز» (١) والخطيب الشربيني في شرح المنهاج، أنَّ العمل بالضعيف في الفضائل جائز فقط، لا مستحب، وردَّه بعضهم كابن قاسم في حواشيه على التحفة، وأثبت الاستحباب.
(١) في تخريج أحاديث العزيز، والعزيز هو الشرح الكبير للرافعي على الوجيز للغزالي.