المدني عن أخيه سليمان ــ وكان علَّامةً بالناس ــ أن الذي استتاب أبا حنيفة خالد القسري ... ».
قال الأستاذ (ص ٦٢): «هو الذي بنى كنيسةً لأمه تتعبد فيها، وهو الذي يقال عنه: إنه ذبح الجعد بن درهم يوم عيد الأضحى أضحيةً عنه ... ما كان العلماء ليسكتوا في ذلك العهد أمام استخفافه لشعيرة من شعائر الدين .. وسفكُ دمِ من وجب قتلُه شيء، وذبحُه على أن يكون أضحيةً شيء آخر. وكانت سيرة خالد وصمة عار في تاريخ الإسلام».
أقول: كان خالد أميرًا مسلمًا، خلط عملًا صالحًا ــ كإقامة الحدود ــ وآخَرَ سيئًا، الله أعلم ما يصح عنه منه. وقد جاء عن جماعة من الأئمة ــ كما في «التأنيب» نفسه ــ أن أبا حنيفة استتيب في الكفر مرتين. فإن كان خالد هو الذي استتابه في إحداهما، وقد شهد أولئك الأئمة أنها استتابة عن الكفر، فأيُّ معنى للطعن في خالد؟ هَبْه كان كافرًا! أيجوز أن يحنَق عليه مسلم، لأنه [١/ ٢٤٧] رُفِع إليه إنسان يقول قولًا شهد علماء المسلمين أنه كفر، فاستتابه منه؟
وكان خالد يمانيَّ النسب، وكان له منافسون على الإمارة من المُضَريين، وأعداءٌ كثيرٌ يحرصون على إساءة سمعته. وكان القصاصون ولا سيما بعد أن نُكِب خالد يتقربون إلى أعدائه بوضع الحكايات الشنيعة في ثلبه، ولا ندري ما يصح من ذلك؟
وقضية الكنيسة إن صح فيها شيء فقد يكون برَّ أمَّه بمال، فبنى لها وكيلُها كنيسةً، فإنها كانت نصرانية. وليس في هذا ما يعاب به خالد، فقد أحلَّ الله عز وجل نكاحَ الكتابيات والتسرِّي بهن، ونهى عن إكراههن على