للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كل شيء، والبويطي كان فقيهًا قبل كل شيء (١).

وبُعْدُ البويطي عن الغوصِ مخلوق آخر! فقد كان الشافعي يحيل عليه بالفتوى في حياته، وإن كان أقلَّ مخالفةً له من المزني. والمزني لم يكن عند وفاة الشافعي في حدِّ أن يصلح لخلافته، كما يعلم من قول الشافعي له: «وليأتين عليك زمان ... ». وكانت سنُّه عند وفاة الشافعي دون الثلاثين، وكأنه إنما صحب الشافعي بأَخَرة؛ فإنه استعان على ما فاته عن الشافعي بكتاب الربيع، كما مرَّ في ترجمة الربيع (٢). فأما ابن عبد الحكم فكان دون ذلك بكثير، كما يعلم مما مرَّ.

ولم ير الأستاذ في تخرُّصاته بعد عنائه الطويل ما يغترُّ به عاقل! فأردف ذلك بحاشية علَّقها على (ص ١٣١) أعاد فيها بعض ما تقدَّم، وحاول الاستنتاج على ذلك الأسلوب! فلا أطيل بذكر ذلك وما عليه. لكن زاد فيها ما قيل: إن البويطي لما حُبِسَ قال: «برئ الناس من دمي إلا ثلاثة حرملة والمزني وآخر». وقال بعضهم: إنه أراد بالآخر ابن الشافعي. فالحكاية ذكرها ابن السبكي (٣) بقوله: «قال أبو جعفر الترمذي: فحدثني الثقة عن البويطي أنه قال ... ». ولا أدري كيف سندها إلى أبي جعفر، ومَن شيخ أبي جعفر؟ أثقةً كان حقًّا أم لا؟ أسَمِع من البويطي، أم بلغه عنه؟ والحكاية


(١) لعل الكوثري أراد بالمنزع الاعتقاد. فالحميديّ معروف بإمامته في السّنة، والبويطي معروف موقفه من القول بخلق القرآن وصلابته حتى إنه توفي في السجن من أجل ذلك كما سيأتي.
(٢) رقم (٩١).
(٣) في «طبقات الشافعية»: (٢/ ١٦٤).