للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما ابن الأصبهاني، فقال ابن عدي: «سمعت موسى بن القاسم الأشيَب يقول: حدثني أبو بكر، سمعتُ إبراهيم الأصبهاني يقول: أبو بكر بن أبي داود كذاب». أبو بكر شيخ الأشْيَب يحتمل أن يكون هو ابن أبي الدنيا، لأنه ممن يروي عن إبراهيم، وممن يروي عنه الأشيب. ويحتمل أن يكون غيره، لأن أصحاب هذه الكنية في ذاك العصر ببغداد كثيرون، ولم يشتهر ابن أبي الدنيا بهذه الكنية بحيث إذا ذُكِرتْ وحدها في تلك الطبقة ظهر أنه المراد. [١/ ٣٠٠] فعلى هذا لا يتبيَّن ثبوتُ هذه الكلمة عن ابن الأصبهاني.

وابن أبي داود إن كان سِنُّه عند وفاة الأصبهاني سنة ٢٦٦ فوق الثلاثين، فلم يكن قد تصدَّى للرواية في زمانه. قال الخطيب (١): «أخبرنا أبو منصور محمد بن عيسى الهمذاني، حدثنا أبو الفضل صالح بن أحمد الحافظ قال: أبو بكر عبد الله بن سليمان إمامُ أهل العراق وعَلَمُ العِلْم في الأمصار، نصَب السلطانُ المنبرَ، فحدَّث عليه لفضله ومعرفته. وحدَّث قديمًا قبل التسعين ومائتين. قدم همذان سنة نيف وثمانين ومائتين، وكتب عنه عامة مشايخ بلدنا ذلك الوقت. وكان في وقته بالعراق مشايخُ أسنَدُ منه ولم يبلغوا في الآلة والإتقان ما بلغ هو».

بلى كان يذاكر، وربما يتعرَّض لأكابر الحفاظ يذاكرهم، فيتفق أن يكون عنده حديثٌ ليس عندهم، فتُعجبُه نفسُه، ويتكلم بما يُعَدُّ جرأةً منه وسوءَ أدب، فيُغضبهم، كما فعل مع أبي زرعة. قال: «قلت لأبي زرعة: «أَلْقِ عليَّ حديثًا غريبًا من حديث مالك. فألقى عليَّ حديثَ وهب بن كيسان عن


(١) في «تاريخه»: (٩/ ٤٦٥).