للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بها صراخًا أيام المحنة، وأنها دين أبيه وجدِّه (١). وجاء عن الحِمَّاني أنه حدَّثه عشرة كلُّهم ثقات أنهم سمعوا أبا حنيفة يقول هذه المقالة. والأستاذ وإن تكلم في الرواة، فهو يعترف، بل يتبجَّح بأن أبا حنيفة كان يقول ذلك. وكذلك لا مانع أن يخبر البِرْتيُّ البغويَّ، لعلمه بأنه قد علم ذلك وليعلمه براءته، مع أن الحسن والبِرْتي كانا من الاعتدال والاستقامة وحبِّ السنة بمكان، ولذلك أطاب أهلُ الحديث أنفسُهم الثناء عليهما.

وأما البغوي، فإن أهل العلم بعده أجمعوا على توثيقه. هذا ابن عدي (٢) بعد أن حطَّ عليه بما [١/ ٣١٤] لا يوجب جرحًا، لم ينكر عليه إلا حديثًا واحدًا أشار إلى أنه غلط في إسناده. فأثبت ابن حجر في «لسان الميزان» (٣) أن الغلط من شيخ البغوي، وأن البغويّ بعد اطلاعه على أنه غلطٌ كفَّ عن روايته. ثم عاد ابن عدي، فأنصف وقال: «ولولا أني شرطتُ أن كلَّ من تُكُلِّمَ فيه (يعني ولو بكلام يسير لا يقدح) أذكره وإلا كنت لا أذكره». وأعرض الخطيب (٤) عن كلام ابن عدي رأسًا. وذكره ابن الجوزي في «المنتظم» (ج ٦ ص ٢٢٩) وذكر بعض كلام ابن عدي، وأجاب عنه وقال: «هذا كلام لا يخفى أنه صادر عن تعصُّب». وقال الذهبي في «الميزان» (٥): «تكلَّم فيه ابنُ عدي بكلام فيه تحامُل، ثم في أثناء الترجمة أنصف، ورجع عن الحطِّ عليه».


(١) انظر «لسان الميزان»: (٢/ ١١٤).
(٢) في «الكامل»: (٤/ ٢٦٧).
(٣) (٤/ ٥٦٥ - ٥٦٧).
(٤) في ترجمته: (١٠/ ١١٠ - ١١٥).
(٥) (٣/ ٢٠٦)