للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى ابن مهدي إلا وجدته عنده». وابن مهدي قدم بغداد سنة ثمانين ومائة وفي التي تليها، وأخذ أحمد يتردد إليه من حينئذ.

وربما كان الصواب في عمر محمد «اثنتان وسبعون سنة»، فلا يلزم أن يكون مولد عبد الرحمن على أقل تقدير سنة ١٧٠ كما مرّ. ومع ذلك فكلمة الإمام أحمد وما تقدَّم من رواية الحسن بن عبد الرحمن: «حدثنا العلاء بن عبد الجبار» يدفع أن يكون مولد عبد الرحمن سنة ١٨٨. ولولا ذلك لقلت: لعله ولد أول سنة ١٨٨، وكان أخوه عبد الله أكبر منه بسنة، فوردا بغداد في سنة ١٩٦، وأحدهما في التاسعة، والآخر في العاشرة. وكان الوارد بهما رجل ثقة ثَبْت ذو جاه، فحظي عند ابن مهدي والقطان، فأقبلا على الإملاء على الغلامين بحضرة كلٍّ منهما، وضبط لهما سماعهما في أصول محققة. فاطلع أبو زرعة وأبو حاتم وابن وارة على تلك الأصول، فوجدوها مثبتة محققة، فاعتمدوا عبد الرحمن. والله أعلم بحقيقة الحال.

وقال أبو موسى المديني: «تكلم فيه أبو مسعود، وخرج إلى الريّ فكتب إليهم فيه، فلم يبالوا بكتابه. وحضر مجلسه أبو حاتم وأبو زرعة وابن وارة». وقال ابن أبي حاتم (١): [١/ ٣١٩] «روى عن عبد الرحمن بن مهدي ويحيى بن سعيد القطان ... روى عنه أبي وأبو زرعة ... سئل أبي عنه، فقال: صدوق». ومن عادة أبي زرعة أن لا يروي إلا عن ثقة، كما في «لسان الميزان» (ج ٢ ص ٤١٦) (٢). وكلٌّ من أبي زرعة وأبي حاتم وابن وارة أجلُّ من أبي مسعود وأثبَتُ وأيقَظُ وأعرَفُ، فما رووا عن هذا الرجل عن ابن


(١) «الجرح والتعديل»: (٥/ ٢٦٣).
(٢) (٣/ ٣٩٦) وتقدمت الإشارة إلى ذلك مرارًا.