للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مجوّدًا في النحو، وكان له أخلاق شرسة، ولم يلبس سراويل قط، ولا قبل عطاء أحد، وكان لا يغطي رأسه. وذكر محمد بن عبد الملك: كان ابن برهان يميل إلى المُرْد الصِّباح ويقبِّلهم من غير ريبة. وقوله: «من غير ريبة» أقبح من التقبيل، لأن النظر إليهم ممنوع منه إذا كان بشهوة، فهل يكون التقبيل بغير شهوة؟ ... ».

وفي «لسان الميزان» (ج ٤ ص ٨٢) (١): «قال ابن ماكولا: كان فقيهًا حنفيًّا قرأ اللغة، وأخذ الكلام من أبي الحسين البصري. قلت: وقد بالغ محمد بن عبد الملك الهمذاني في «تاريخه» فقال: كان يمشي مكشوف الرأس، وكان يميل إلى المُردان من غير ريبة. ووقف مرةً على مكتب عند خروجهم، فاستدعى واحدًا واحدًا فيقبِّله ويدعو له ويسبِّح الله، فرآه ابن الصبَّاغ، فدسَّ له واحدًا قبيحَ الوجه، فأعرض عنه وقال: يا أبا نصر لو غيرك فعل بنا هذا».

وفي ترجمة عبد الواحد من «تاريخ بغداد» (ج ١١ ص ١٧): «كان يذكر أنه سمع من أبي عبد الله ابن بطة وغيره إلا أنه لم يرو شيئًا. وكان مضطلعًا بعلوم كثيرة منها النحو واللغة ومعرفة النسب والحفظ لأيام العرب وأخبار المتقدمين، وله أُنْسٌ شديد بعلم الحديث».

أقول: فقد كان ابن بَرْهان على بدعته من أهل العلم والزهد والمنزلة بين العلماء. ومحمد بن عبد الملك الهَمَذاني لا أعرف ما حاله (٢)؟ وقد ذكر


(١) (٥/ ٢٩٤).
(٢) هو: محمد بن عبد الملك بن إبراهيم الهَمَذاني المقدسي أبو الحسن الشافعي (٤٦٣ - ٥٢١)، قال ابن النجار: «كان فاضلًا حسن المعرفة بالتواريخ والدول ... وبه خُتِم هذا الفن». وقال ابن كثير: «صاحب التاريخ من بيت الحديث والأئمة». وذكر ابن الجوزي عن شيخه عبد الوهاب ما يوجب الطعن فيه. ترجمته في «تاريخ الإسلام»: (١١/ ٣٧٥)، و «البداية والنهاية»: (١٦/ ٢٧٦)، و «طبقات الشافعية»: (٦/ ١٣٥).