ابن حجر أنه بالغ. وقد تصرَّف ابن الجوزي في عبارة الهمذاني، ففي موضع زاد فيها «ويقبِّلهم» وحذف «من غير ريبة». وفي موضع زاد «الصِّباح فيقبِّلهم»، وإنما أخذ الصباحةَ والتقبيلَ من قصة المكتب. وقد كان ببغداد في ذاك العصر عدد كثير من مشاهير العلماء ما منهم إلا من يخالف عبد الواحد في العقيدة والمذهب أو أحدهما. وكان عبد الواحد على غاية الصيانة. ذكروا أنه «لما ورد الوزير عميد الدين إلى بغداد استحضره فأعجبه كلامه، فعرض عليه مالًا، فلم يقبله. فأعطاه مصحفًا بخط ابن البواب وعكازةً [١/ ٣٣٥] حُمِلت إليه من الروم، فأخذهما. فقال له أبو علي ابن الوليد المتكلِّم: أنت تحفظ القرآن، وبيدك عصا تتوكأ عليها، فلِمَ تأخذ شيئًا فيه شبهة؟ فنهض ابن بَرْهان في الحال إلى قاضي القضاة ابن الدامغاني وقال له: لقد كدتُ أهلك حتى نبَّهني أبو علي ابن الوليد، وهو أصغر سنًّا منِّي، وأريد أن تعيد هذه العكازة والمصحف على عميد الدين، فما يصحباني. فأخذهما، وأعادهما إليه». أفما كان في ذاك الجمّ الغفير من أهل العلم من ينكر على ابن برهان ما نسبه ابن الجوزي إليه؟ ! وما كان فيهم من يعيبه بذلك على الأقل، مع مخالفتهم له كما سلف؟ فما بالنا لا نعرف عنهم كلمة واحدة في ذلك إلّا تلك الشاذَّة من ذاك الهَمَذاني؟