للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سبعين ومائتين، فكيف سمع منه؟ ».

وذكر الخطيب عن ابن برهان قصةً حاصلها: أن ابن بطة ورد بغداد، فحدَّث عن حفص بن عمر الأردبيلي عن رجاء بن مرجَّى بـ «كتاب السنن» قال: «فأنكر ذلك أبو الحسن الدارقطني، وزعم أن حفصًا ليس عنده عن رجاء، وأنه يَصْغُر عن السماع منه، فأبردوا بريدًا إلى (أردبيل)، وكان ابن حفص بن عمر حيًّا هناك، وكتبوا إليه يستخبرونه عن هذا الكتاب، فعاد جوابه بأن أباه لم يرو عن رجاء بن مرجَّى ولا رآه قط، وأنَّ مولده كان بعد موته بسنين». قال ابن بَرهان: «فتتبع ابنُ بطة النسخ التي كُتبت عنه، وغيَّر الرواية، وجعلها عن ابن الراجيان عن (فتح بن) شُخْرُف (١) عن رجاء.

أجاب ابن الجوزي بأن أبا ذرّ أشعري، وأن ابن بَرْهان مبتدع على ما تقدَّم في ترجمتيهما (٢).

ولا يخفى سقوط هذا الجواب، فإن أبا ذرّ ثقة كما مرَّ، وابن بَرهان يدلُّ سياقُه للحكاية على أنه صادق فيها، ورواية ابن بطة عن الأردبيلي عن رجاء ثابتة، كما تقدم أن الخطيب روى عن الحسن بن شهاب عن ابن بطة بهذا السند، والحسن بن شهاب حنبلي ثقة. ورجاء توفي ببغداد وكان قد [١/ ٣٤٢] أقام بها آخر عمره مدة، والأردبيلي توفي سنة ٣٣٩، وبين وفاتيهما تسعون سنة، يضاف إليها مدة إقامة رجاء ببغداد آخر عمره؛ لأن الأردبيلي


(١) الفتح بن شُخْرُف الكشي أبو نصر (ت ٣٧٣). ترجمته في «تاريخ بغداد»: (١٢/ ٣٨٤ - ٣٨٨)، و «تاريخ الإسلام»: (٦/ ٥٨٥ - ٥٨٦).
(٢) برقم (١٥١، ١٤٩).