ووفاة العطاردي سنة ٢٧٢، فلا مانع من أن يكون النجَّاد سمع من العطاردي. فإن قبلنا ما حكاه ابن برهان عن ابن ينال، فلا مانع من أن يكون للنجَّاد إجازة من العطاردي، ولابن بطة إجازة من النجاد، فروى ابن بطة تلك الأحاديث بحق الإجازة، فكان ماذا؟ فأما حكُّه لبعضها، فلعله وجدها أو ما يغني عنها عنده بالسماع من وجه آخر، فحكَّ ما رواه بالإجازة، وأثبت السماع.
الرابع: قال الخطيب: «حدثني أحمد بن الحسن بن خيرون قال: رأيت كتاب ابن بطة بـ «معجم البغوي» في نسخة كانت لغيره، وقد حكَّك اسمَ صاحبها وكتب اسمه عليها». وفي «لسان الميزان»(١) عن ابن عساكر قال: «وقد أراني شيخنا أبو القاسم السمرقندي بعضَ نسخة ابن بطة بـ «معجم البغوي»، فوجدت سماعه فيه مُصْلَحًا بعد الحكِّ، كما حكاه الخطيب عن ابن خيرون».
أجاب ابن الجوزي بقوله:«أتراه إذا حصلت للإنسان نسخة، فحكَّ اسم صاحبها وكتب سماع نفسه ــ وهي سماعه ــ أن يوجب هذا طعنا؟ ».
أقول: هذا بمقتضى العادة يدلّ أنه لم يكن لابن بطة أصلٌ بسماعه «المعجم» من البغوي، فإنه لو كان له أصل به لكان اسمُه كُتِبَ وقتَ السماع. فإن كان سمع في ذاك الأصل مع آخر؛ فإنه يُكتَب سماعُهما معًا، فما الحاجة إلى الحكِّ ثم الكتابة مرة أخرى؟
(١) (٥/ ٣٤٢). والمقصود بـ «معجم البغوي»: «معجم الصحابة» وهو مطبوع مرتين، أتمّها في أربعة مجلدات نشرتها مبرّة الآل والأصحاب سنة ١٤٣٢ هـ.