وقد قال الخطيب:«قال [١/ ٣٤٤] لي أبو القاسم الأزهري: ابن بطة ضعيف ضعيف ليس بحجة، عندي عنه «معجم البغوي» ولا أخرج عنه في الصحيح شيئًا. قلت له: كيف كان كتابه بـ «المعجم»؟ فقال: لم نر له أصلًا، وإنما دفع إلينا نسخة طريَّة بخط ابن شهاب، فنسخنا منها، وقرأنا عليه». وتقدم عن أبي ذر الهروي أنه جهد أن يُخرج له ابن بطة شيئًا من أصوله فلم يفعل.
وذكر ابن بطة فيما رواه ابن الجوزي قصة سماعه «المعجم» من البغوي وفيها: «ثم قرأنا عليه «المعجم» في نفر خاص في مدة عشرة أيام أو أقل أو أكثر، وذلك في سنة خمس عشرة أو ست عشرة» والظاهر أنه لو كان أصل سماعه عنده لكان التاريخ مقيدًا فيه فلا يحتاج إلى الشك. فأما قول ابن الجوزي:«قرأت بخط أبي القاسم ابن الفراء ... قابلت أصل ابن بطة «المعجم» فرأيت سماعه في كل جزء إلا أني لم أر الجزء الثالث أصلًا» = فذاك هو السماع الملْحَق الذي ذكره ابن خيرون وابن عساكر.
فالذي يتحصل أنه لم يكن عند ابن بطة أصل سماعه بـ «المعجم»، فإما أن يكون كان له أصل فضاع أو تلف، وإما أن يكون سمع في نسخة لغيره لم تَصِرْ إليه، وكأنه ظفر بنسخة أخرى وثِقَ بصحتها، فتسمَّح في الرواية عنها. والله أعلم.
الخامس: ذكر الخطيب عن أبي القاسم التنوخي عن أبي عبد الله بن بكير قال: «ابن بطة لم يسمع «المعجم» من البغوي. وذلك أن البغوي حدَّث به دفعتين: الأولى منها قبل سنة ثلاثمائة (قبل مولد ابن بطة) في مجلس عام، والأخرى بعد سنة ثلاثمائة في مجلس خاص لعلي بن عيسى (الوزير)