قال الأستاذ (ص ١٢٩): «وأبو ربيعة فهد بن عوف، وقد كذَّبه ابن المديني».
أقول: قال ابن أبي حاتم (١): «سمعت أبي يقول: ما رأيت بالبصرة أكيس ولا أحلى من أبي ربيعة فهد بن عوف، وكان ابن المديني يتكلم فيه ... قيل لأبي: ما تقول فيه؟ فقال: تعرف وتنكر، وحرَّك يدَه». ثم ذكر عن أبي زرعة قصةً حاصلها: أن أبا إسحاق الطالقاني ورد البصرة، فحدَّث من حديث ابن المبارك بحديثين غريبين؛ أحدهما عن وُهيب بسنده، والآخر عن حماد بن سلمة بسنده. فبعد مدة يسيرة حدَّث فهد بالحديث الأول عن وهيب بن خالد بذاك السند، والثاني عن حماد بن سلمة بسنده، فرموا فهدًا بسرقة الحديثين، وأنه إنما سمعهما من الطالقاني [١/ ٣٧٦] عن ابن المبارك عن وهيب وعن حماد، فحدَّث بهما عن وهيب وعن حماد. وغلط مع ذلك فروى الأول عن وهيب بن خالد، وإنما وهيب شيخ ابن المبارك وهيب بن الورد. والحجة في رميه بسرقة الحديث الثاني أنه حديث غريب لم يكن في كتب حماد بن سلمة ولا رواه عنه غير ابن المبارك، حتى حدَّث به الطالقاني عن ابن المبارك، فوثب عليه فهد.
وقد يحتمل في هذا أن يكون فهد قد سمعه من حماد بن سلمة ثم غفل عنه، فلما حدَّث به الطالقاني واستفاده الناس وأعجبوا به، فتَّش فهدٌ في كتبه فوجده عنده عن حماد بن سلمة، ولكن في هذا الاحتمال بُعْد.
فأما الحديث الأول، فالتهمة فيه أشد؛ لأنه ليس من حديث وهيب بن