للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خالد أصلًا، وإنما هو من حديث وهيب بن الورد. ولا يخفى أنه ليس من الممتنع أن يكون الحديث عند وهيب بن خالد أيضًا ولم يسمعه منه إلا فهد، لكن في هذا من البعد ما فيه.

فالظاهر أن هذين الحديثين هما ــ ولا سيما الأول ــ بليَّة هذا الرجل. ولأجل ذلك كذَّبه ابن المديني، وتكلم فيه غيره. لكن يظهر من كلمة أبي حاتم أنه متوقف، وقال ابن أبي حاتم: «قلت لأبي زرعة: يُكتَب حديثه؟ فقال: أصحاب الحديث ربما أراهم يكتبونه». وأسْنَد إلى ابن معين أنه سئل عنه فقال: «ليس لي به علم، لا أعرفه، لم أكتب عنه». وقد يبعد أن لا تكون القصة بلغت ابن معين، ومع ذلك توقَّف. وقال العجلي: «لا بأس به» (١). وذكره ابن حبان في «الثقات» (٢) وقال: «مات يوم الاثنين لأربع خلون من المحرم سنة تسع عشرة ومائتين».

والذي يتجه أنه إن كان صرَّح في الحديث الأول بسماعه من وهيب بن خالد فقد لزمته التهمة، وإن لم يصرِّح وإنما رواه بصيغة تحتمل التدليس، فقد يقال: لعله دلَّسه. ولكن يبقى أنهم لم يذكروه بالتدليس، والمدلس إنما يسلم من الجرح بالتدليس إذا كان قد عُرف عنه أنه يدلِّس، فإن ذلك يكون قرينة تخلُّصه من أن يكون تدليسه كذبًا. وقد يقال: كان جازمًا بصحة الخبرين عن وهيب وحماد، فاستجاز تدليسهما، وإن لم يكن قد عُرِف بالتدليس. وفي هذا نظر. والله أعلم.


(١) في «الثقات»: (٢/ ٢٠٩).
(٢) (٩/ ١٣).