للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإنما يظهر أمر ذلك عند التخالف والتعارض عند الأولين.

فأما كلمة الإمام أحمد في إبراهيم بن بشار الرمادي، فقد تقدم لفظها في ترجمة إبراهيم (١)، فراجِعْها يتبيَّنْ لك أن أحمد كان جازمًا بأن إبراهيم كان يملي على الناس على خلاف ما سمعوا، وأنه إنما لامه وذمَّه على ذلك. وإنما قال: «كأنه يغيِّر الألفاظ» لأحد أمرين:

الأول: أن يكون أحمد جوَّز أن تكون العبارة التي ساقها إبراهيم هي عبارة ابن عيينة نفسه قبل ذلك المجلس، وأن تكون عبارة إبراهيم نفسه بأن غيَّر ألفاظ ابن عيينة وعبَّر عن المعنى، وكانت نفس أحمد مائلة إلى هذا الاحتمال الثاني فقال: «كأنه يغيِّر الألفاظ» أي من عنده.

الأمر الثاني: أن يكون أحمد قد علم جملةً حين سمع في ذاك المجلس عبارة سفيان ثم عبارة إبراهيم اختلافَ العبارتين، ولم يحقق حينئذ وجه الاختلاف، ثم لما أخبر بذلك مال إلى أن الوجه هو تغيير الألفاظ.

وعلى كلا الأمرين، فأحمد محقِّق لاختلاف العبارتين جازم به، وعلى ذلك بنى اللوم والذم، لا على مجرد احتمال أن إبراهيم يغيِّر الألفاظ.

فإن قيل: اختلاف العبارتين مستلزم لتغيير الألفاظ. قلت: إنْ صح هذا استعمل أحمد «كأن» في التحقيق بدليل ما قبلها، وذلك خلاف المعنى المتبادر منها. وليس في نقل ابن الجنيد ما يوجب صرفها عن أصل معناها الذي تقدم بيانه. وإذا اشتبه الأمر في المنقول عن إمام، وجب الرجوع إلى


(١) رقم (٢).