للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابن القطان! ».

[١/ ٥٠٣] أقول: أما النسيان، فلا يلزم منه خلل في الضبط؛ لأن غايته أنه كان أولًا يحفظ أحاديث، فحدَّث بها، ثم نسيها فلم يحدِّث بها.

وأما الوهم، فإذا كان يسيرًا يقع مثله لمالك وشعبة وكبار الثقات فلا يستحق أن يُسمى خللًا في الضبط، ولا ينبغي أن يسمى تغيرًا. غاية الأمر أنه رجع عن الكمال الفائق المعروف لمالك وشعبة وكبار الثقات. ولم يذكروا في ترجمته شيئًا نُسب فيه إلى الوهم إلا ما وقع له مرة في حديث أم زَرْع، والحديث في «الصحيحين» (١) وغيرهما عنه عن أبيه عن عائشة قالت: «جلس إحدى عشرة امرأة ... » فساقت القصة بطولها وفيها ذكر أم زرع، وفي آخره: «قالت عائشة: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: كنتُ لكِ كأبي زرع لأم زرع».

وهذا السياق صحيح اتفاقًا، ولكن رواه هشام مرة أخرى، فرفع القصة كلَّها. وقد توبع على ذلك كما في «الفتح» (٢)، ولكن الأول أرجح. واستدل بعضهم على رفع القصة كلِّها بأن المرفوع اتفاقًا وهو قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «كنتُ لكِ كأبي زرع لأم زرع» مبنيّ على القصة فلا بد أن يكون صلى الله عليه وآله وسلم بدأ، فذكر القصة، ثم بنى عليها تلك الكلمة أو بدأ بتلك الكلمة، فسألته عائشة، فذكر القصة. وأجيب باحتمال أن تكون القصة كانت مما يحكيه العرب وكان صلى الله عليه وآله وسلم قد سمعهم يحكونها، وعلم أن عائشة قد سمعتها، فبنى عليها تلك الكلمة. وعلى كل


(١) البخاري (٥١٨٩)، ومسلم (٢٤٤٨).
(٢) (٩/ ٢٥٧ - ٢٥٨).