للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والحاصل أنه ليس بعمدة.

وحماد بن أبي سليمان سيئ الحفظ، حتى قال حبيب بن أبي ثابت: "كان حماد يقول: قال إبراهيم: فقلت له: والله إنك لتكذب على إبراهيم، أو إن إبراهيم ليخطئ". وقال شعبة: "قال لي حماد بن أبي سليمان: يا شعبة لا توقِفْني على إبراهيم، فإن العهد قد طال. وأخاف أن أنسى، أو أكون قد نسيتُ". انظر: "تقدمة الجرح والتعديل" (ص ١٦٥). وقوله: "لا توقفني إلخ" معناه: إذا قلتُ: "قال إبراهيم" أو نحوَ ذلك، فلا تسألني: أَسمعْتَه من إبراهيم أم لا؟ فيتبين [٢/ ٢٠] بهذا أنه قد كان يقول (١): "قال إبراهيم" ونحوه فيما لا يتحقق أنه سمعه من إبراهيم.

وقد أجاب ابن التركماني (٢) عن كلام الدارقطني، فدافع عن محمد بن جابر بما لا يُجدي، وقال: "إذا تعارض الوصل مع الإرسال، والرفع مع الوقف، فالحكم عند أكثرهم للرافع والواصل؛ لأنهما زادا، وزيادة الثقة مقبولة". كذا قال، وقد عُلِمَ أن محمد بن جابر ليس بثقة، وحمادًا سيئ الحفظ. فالحديث ضعيف من أصله، فكيف مع الخلاف؟ وقد قال الأستاذ (ص ١٥٣): "من أصوله ــ يعني أبا حنيفة ــ أيضًا: ردُّ الزائد متنًا كان أو سندًا إلى الناقص ... ". والذي عليه جهابذة الحديث الترجيح. هذا في اختلاف الثقات، وليس هذا منه، كما مرَّ.

وروى النسائي (٣) من طريق ابن المبارك، عن سفيان الثوري، عن


(١) في المطبوع: "يقال". والمثبت يقتضيه السياق.
(٢) في "الجوهر النقي" (٢/ ٧٨).
(٣) (٢/ ١٩٥).