للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قيل: ولماذا لم ينكر عليهم عليّ؟

قلت: لعله لم يقف على ذلك من حالهم، أو أنكر عليهم فلم يَقْنَعوا، كما يحتمل ذلك في قضية التطبيق.

بقي قول ابن التركماني: "لخصمه أن يعكسه فيجعل فعل عليّ بعد النبي عليه السلام دليلًا على نسخ ما تقدم".

فأقول: ليس هذا بشيء، فقد تقرر في الأصول أن الحكم إذا ثبت، فادعى بعض الصحابة نسخَه، وخالفه غيره منهم= لم يثبت النسخ بتلك الدعوى، إذ قد يكون استند صاحبها إلى ما لا يوافقه غيرُه على أنه دليل يوجب النسخ. وقد اختلف الصحابة في عدة أحكام ذهب بعضهم إلى أنها منسوخة، وخالفه غيره، ولم يرَ المخالف في قول صاحبه: "هذا منسوخ" حجةً، ولا رأى القائلُ قوله ذلك كافيًا في إثبات النسخ. فكيف يُظَنّ بعليّ أن يكون يرى أن الرفع منسوخ، ثم يخبر بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يرفع، ويعلم أن غيره من الصحابة يخبرون بذلك ويعملون به عملًا شائعًا ذائعًا، ثم لا يتبع عليٌّ إخباره بذلك ببيان الحجة على نسخه ويعلن ذلك؟ بل يقتصر على ما ليس بدليل على النسخ، ولا صريح في دعواه، ولا ظاهرٍ فيها، وهو الترك. إذ قد لا يرقبه الناس في صلاته، فإن رَقَبه بعضهم فقد يقول: لعله ترك لبيان الجواز، أو لعذر، أو سها، أو ترخَّص كما ترخَّص عثمان وغيره في ترك التكبيرات أو الجهر بها كما تقدم. هذا ما لا يكون.

[٢/ ٣٧] فالحق ما تقدَّم من وهم أثر النهشلي أو وهم كليب، وتحقق ما قاله البخاري إنه لا يثبت عن أحدٍ من الصحابة تركُ الرفع، إلّا أن يكون