للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ظننا أن مذهبه عدمُ الرفع وأنَّ ذلك شأنه. فإذا مضت على ذلك مدة، ومات ذاك العالم، ثم بدا لنا أن نذكر حاله في الرفع، فقد نبني على ما تقدَّم، فنقول: لم يكن يرفع. فمن الجائز أن يكون اتفق لكليب أنه رَقَب عليًّا في بعض صلاته ليرى أمن مذهبه الرفع أم لا؟ فاتفق أن رفع عليّ عند الافتتاح رفعًا تامًّا رآه كليب، ثم تجوّز عليّ في الرفع عند الركوع فما بعده، فلم يره كليب، فظن أنه لم يرفع، وأن مذهبه عدم الرفع، فذهب يحكي عنه بحسب ذلك.

فإن قيل: لكن هذا الاحتمال لا يخلو عن بُعدٍ.

قلت: لكنه أقرب الاحتمالات.

[٢/ ٣٦] فإن قيل: قد روي عن أبي إسحاق السبيعي أنه قال: "كان أصحاب عبد الله وأصحاب عليّ لا يرفعون أيديهم إلا في افتتاح الصلاة" (١).

قلت: إنما أراد الذين صحبوا عبد الله، ثم صحبوا عليًّا، ولذلك قدَّم ذكر عبد الله، مع أن عليًّا أفضل. وكان أبو إسحاق يتشيَّع، وأصحاب عبد الله هم كانوا بعده المقتدى بهم مِن أصحاب عليّ. وفي مقدمة "صحيح مسلم" (٢) عن المغيرة بن مِقْسَم قال: "لم يكن يصدق على عليّ في الحديث عنه إلا من أصحاب عبد الله بن مسعود". وكان أصحاب عبد الله يلزمون ما أخذوه عنه، وإن رأوا عليًّا يخالفه، كما لزموا التطبيق وغيره. وقد تقدم الكلام على أخذهم عن عبد الله تركَ الرفع، فلا تغفلْ.


(١) أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (١/ ٢٣٦).
(٢) (١/ ١٤).