للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرابعة: بقية حديثه ببغداد، ففيه ضعف، إلا أن يُعلم في حديث مِن ذلك أنه كان يتقن حفظَه مثل إتقانه لما يرويه عن أبيه عن الأعرج عن أبي هريرة، فإنه يكون صحيحًا. وعلى هذا يدل صنيعُ الترمذي في انتقائه من حديثه وتصحيحه لعدة أحاديث منه. وقد دلَّ كلامُ الإمام أحمد أن التلقين إنما أوقعه في الاضطراب. فعلى هذا إذا جاء الحديث من غير وجه عنه على وتيرة واحدة دل ذلك على أنه من صحيح حديثه.

فابن أبي الزناد في الحالين الأوليَيْن وما يلتحق بهما أثبَتُ من النهشلي بكثير، وفي الحال الثالثة إن لم يكن فوقه فليس بدونه، وفي الرابعة دونه.

وهذا الحديث مما حدَّث به بالمدينة، فإن ممن رواه عنه عبد الله بن وهب، كما في "سنن البيهقي" (ج ٢ ص ٣٣) بسند صحيح. وهو من أحاديث الهاشمي عنه، كما في "سنن أبي داود" (١) و"الترمذي" (٢) وغيرهما. وجاء من غير وجه [عنه] على وتيرة واحدة، وصحَّحه من تقدَّم من الأئمة، فحاله فيه فوق حال النهشلي. وتأكد ذلك برجحان سنده على سند النهشلي كما مرَّ، وبموافقته للأحاديث الثابتة عن جماعة من الصحابة، ومخالفةِ أثر النهشلي لمقتضى تلك الأحاديث ومقتضى الآثار المتواترة عن الصحابة.

على أني أقول: لا مانع من صحة أثر النهشلي في الجملة. وبيان ذلك: أننا إذا علمنا الاختلاف في مسألة الرفع، ثم رأينا عالمًا لم نعرف مذهبه في ذلك، وأردنا أن نعرفه، فرقبناه في بعض صلاته، فلم نره رفع، فإنه يقع في


(١) رقم (٧٤٤).
(٢) رقم (٣٤٢٣).