للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد أجاب ابن خزيمة (١) عن هذا الحديث بأن للمسافر إذا أصبح صائمًا ثم بدا له أثناء النهار أن يفطر. وحاصل الجواب أنه - صلى الله عليه وسلم - أصبح في سفره صائمًا، ثم لما هاج به الوجع احتجم فأفطر. وكأن ابن عباس لم يكن قد بلغه أن الحجامة تُفطِّر الصائم، وعلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أصبح صائمًا ثم رآه احتجم، ولم يبحث عمّا كان بعد الحجامة. فوقع في ظنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استمَّر على الصيام. ثم لما بلغه بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - أنّ بعض الناس يرى أن الحجامة تفطِّر الصائم احتج بالقصة على حسب ظنه.

وهذا كما سَمع (٢) أسامةَ يُحدّث بحديث: "لا ربا إلا في النسيئة" (٣)، ولم يثبت عنده حديث: "لا تبيعوا الذهب بالذهب ولا الورق بالورق إلا وزنًا بوزن، مثلًا بمثل، يدًا بيد" (٤)، فكان يفتي بحِلِّ الذهب بالذهب مع التفاضل نقدًا، وكذا الفضة بالفضة. ثم جاء أن بعض الصحابة أخبره بالحديث الآخر، فرجع (٥).

وكما أخبره أسامة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل الكعبة فلم يصلِّ فيها، فكان يفتي بذلك (٦). وقد صح عن بلال أنه دخل مع النبي - صلى الله عليه وسلم - الكعبة، وأنه - صلى الله عليه وسلم - صلَّى بين العمودين المقدمين (٧).

وكما كان يرى أن لا قراءة في السِّريَّة، ويذكر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يقرأ


(١) في "صحيحه" (٣/ ٢٢٨).
(٢) أي ابن عباس.
(٣) أخرجه البخاري (٢١٧٨، ٢١٧٩) ومسلم (١٥٩٦).
(٤) أخرجه مسلم (١٥٨٤).
(٥) كما في "صحيح مسلم" (١٥٩٤/ ١٠٠).
(٦) أخرجه مسلم (١٣٣٠).
(٧) أخرجه البخاري (١٥٩٨) ومسلم (١٣٢٩).