للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لاستغاثة مثلًا، بخلاف الحركة مثلًا، فإنها وإن كانت منافيةً للصلاة أيضًا إلا أنه يجوز القليل منها مطلقًا، ويجوز الكثير في صلاة الخوف. فالتشديدُ في الحلق لا يستلزم التشديد فيما هو أخفُّ منه.

فإن كان هناك إجماع على وجوب الفدية على من احتاج إلى لُبْسِ عمامة لمرض مثلًا، فلا يقاس عليه لُبْسُ فاقدِ الإزار للسراويل، وفاقدِ النعلين للخفين، لأن ستر الرأس غير مطلوب شرعًا كطلب سترة العورة ووقاية الرجلين مما قد يمنع من استطاعة المشي إلى الحج وأداء أعماله، والتشديد في الأول لا يستلزم التشديد في الثاني. فأما قياسُ لبس السراويل والخفين على الحلق المنصوص في القرآن، فأبعَدُ عن الصحة، لاجتماع الفارقينِ معًا.

فإن قيل: أرأيت إذا تمكَّن فاقدُ الإزار من فَتْق السراويل وتلفيقه بالخياطة حتى يكون [٢/ ٤٥] إزارًا كافيًا له، وتمكَّنَ فاقدُ النعلين من تقطيع الخفين حتى يصيرا نعلين؟

قلت: لا يتجه إلزامه ذلك، لأنه يكثر أن لا يتمكن الإنسان من ذلك، وإذا تمكن ففيه إفسادٌ للمال ينقص قيمته ومنفعته.

هذا، وقد صحَّ في الباب حديثان (١):

الأول: حديث ابن عمر في "الصحيحين" (٢) وغيرهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سُئل عما يلبس المحرم، فقال: "لا يلبس القميص ولا العمائم ولا


(١) وحديث ثالث عن جابر عند مسلم (١١٧٩) بنحو حديث ابن عباس الآتي.
(٢) البخاري (١٥٤٢) ومسلم (١١٧٧).