الجمعة، فلا يقال حقيقةً قبل الموت: إنه قَتَل، ولكن يقال بعد الموت: إنه [٢/ ٦٢] قتله، ولا يقال: قتله يوم السبت، ولا يوم الجمعة، بل يقال: جرَحه يوم السبت، فمات يوم الجمعة.
فقوله تعالى في الآية:{ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ} يقتضي تأخير الأمرين معًا: قول الرجلِ، وانحلال العقدة. ويؤيده أمران:
الأول: قوله: {ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ}. وكلمة "ثم" تقتضي المهلة. وإذا كان الطلاق معلَّقًا بالنكاح، وقلنا: إنه يقع= وقَعَ بلا مهلة.
الثاني: قوله: {وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا}. والتسريح هنا إرجاعها إلى أهلها، وإنما يكون ذلك إذا كانت قد زُفَّتْ إليه. ومن كان معلومًا أنه بنكاحه يقع طلاقُه فمتى تُزَفُّ إليه المرأة، حتى يقال له: سرِّحْها سراحًا جميلًا؟
وأما الحديث، فاحتج به جماعة من المتقدمين على عدم الوقوع، وتأوله بعضهم بما ذكر الأستاذ. وأقول: إن كان لفظ "طلاق" فيه اسمًا من التطليق كالكلام من التكليم، سقط التأويل كما يُعلم مما مرَّ. وإن كان مصدرَ قولنا:"طَلَقَتِ المرأةُ" كان للتأويل مساغ. والأول هو الأكثر والأشهر في الاستعمال. وقد دُفِع التأويلُ بأنه لا يجهل أحد أن المرأة لا تطلَّق ممن ليس لها بزوج، فحملُ الحديث على هذا النفي يجعله خِلْوًا عن الفائدة.
وأما النظر، فلا ريب أن الله تبارك وتعالى إنما شرع النكاحَ والطلاقَ لمقاصد عظيمة، وأن مثل ذلك الطلاق لا يحتمل أن يحصل به مقصد شرعي، وهو مضادٌّ لشرع النكاح.