للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي رواية (١): «فلما أدبر، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : القاتل والمقتول في النار ... ».

وتأوله بعضهم على أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان سأل الوليَّ أن يعفو، فأبى. وهذا ضعيف من وجهين:

الأول: أنه ليس في القصة من الأمر بالعفو إلا ما وقع من بيان الإثم أو ما بعده.

الثاني: أنه ليس من سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يأمر أحدًا بترك حقِّه أمرًا جازمًا يأثم المأمور إن لم يمتثله. وقد رغَّب صلى الله عليه وآله وسلم إلى بَرِيرة لمَّا عتقت أن لا تفسخ نكاح زوجها، فقالت: أتأمرني يا رسول الله؟ قال: «لا، وإنما أنا أشفع». قالت: فلا حاجة لي فيه (٢). ولم يعتِبْ هو بأبي وأُمي ولا أحد من أصحابه على بريرة.

فالصواب ما دل عليه حديث أبي هريرة أنَّ إثمَ الولي إن قَتَل إنما هو مبني على قول القاتل: لم أُرِدْ قتلَه، مع قوة احتمال صدقه.

وقد ذكر [٢/ ٨٢] الطحاوي في «مشكل الآثار» (ج ١ ص ٤٠٩) (٣) الحديث، ثم قال: «فكان معنى ذلك ــ والله أعلم ــ أن البينة التي كانت شهدت عليه بقتله لأخي خصمه شهدَتْ بظاهر فعله الذي كان عندنا (٤) أنه


(١) رقم (١٦٨٠/ ٣٣).
(٢) أخرجه البخاري (٥٢٨٣) من حديث ابن عباس.
(٣) رقم (٩٤٤).
(٤) كذا في المطبوع، وفي «مشكل الآثار»: «عندها».