للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عمدٌ له لا شكَّ عندنا (١) فيه، وكان المدَّعَى عليه أعلمَ بنفسه وأيما (٢) كان منه في ذلك، فادعى باطنًا كان منه في ذلك، لا بحجة معه (٣) ... ».

أقول: لم أر في شيء من الروايات إقامة بينة أي شهود، بل في بعض الروايات (٤) أن الولي قال: «أمَا إنه لو لم يعترف لأقمتُ عليه البينة». فإنما كان في الواقعة اعترافُ الرجل بالضرب وبتعمُّده وبآلته وصفته، وضربُ الرأس بالفأس يقتضي قصد القتل، إلا أن هناك ما عارضه وهو أنه لم يسبق بينهما عداوة، وكانت الفأس بيد الجاني يختبط بها، فثار غضبه بسبب السبِّ، فضرب بما كان في يده، وادَّعى أنه لم يُرد القتل، وأقسم على ذلك. فالحديث يدل أنه في مثل هذه الحال يُقْضَى بأن القتل عمدٌ تأكيدًا للزجر عن القتل والتنفير عنه، ولا يُمنَع الوليُّ من الاقتصاص، ولكنه يحرُم عليه.

فإن قيل: وكيف لا يُمنَع مما يحرُم عليه؟

قلت: لأنه لو مُنع منه حُكْمًا لفات المقصود من تأكيد الزجر عن القتل. ويُشبِه هذا ما ثبت أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يُعطي المُلْحِفَ في السؤال، وإن كان غير مستحق. وفي «مسند أحمد» (٥) و «المستدرك» (٦)


(١) في «المشكل»: «عندها».
(٢) في «المشكل»: «وبما».
(٣) في «المشكل»: «لا يجب عليه معه فيما كان منه فيه قَوَد».
(٤) عند مسلم (١٦٨٠).
(٥) رقم (١١٠٠٤). وأخرجه أيضًا البزار (٩٢٥ ــ كشف الأستار) والطحاوي في «مشكل الآثار» (٥٩٣٦) وابن حبان (٣٤١٢، ٣٤١٤). وإسناده صحيح.
(٦) (١/ ٤٦).