ولنجب عن قول الطحاوي:«ليس هذا بحجة»، ثم ننظر في الروايات.
فأما الجواب: فإن أراد أن الحديث بذاك اللفظ ليس بحجة على أنه لا قطع فيما دون ربع دينار، فجوابه مبني على رأي أصحابه في إهدار مفهوم المخالفة، ولا شأن لنا به الآن. وإن أراد: ليس بحجة على القطع فيما دون عشرة دراهم، فقد أبطل.
قوله:«يحتمل أن يكون ذلك لأنها قَوَّمت ما قطع فيه». قلنا: وعلى هذا الاحتمال يكون حجة.
فإن قيل: قد خالفها غيرها.
قلنا: كلا، لم يخالفها أحد.
فقد اتضح بما تقدم أنه لا يثبت مما ذكره الطحاوي غيرُ حديث ابن عمر، وهو موافق لهذا الحديث؛ لأن صرف الدينار كان حينئذ اثني عشر درهمًا. وقول الحنفية: كان صرفه عشرة دراهم، مردود كما بُيِّن في محلِّه. وهَبْ أنه كان صرفه في وقتٍ ما عشرة، فذلك لا يدفع أن يكون صرفه في وقت آخر اثني عشر. وهَبْ أن صرفه كان في طول العهد النبوي عشرة دراهم، فالفرق نصف درهم. وليس في حديث ابن عمر نفيٌ للقطع فيما دون ثلاثة دراهم. وهَبْ أن عائشة قوَّمت ذاك المجنَّ درهمين ونصفًا، فقد اتفقنا على القطع في ثلاثة دراهم، لأنه إذا قُطِع فيما دونها قُطِع فيها.
وأما الروايات، فالواجب أن يُبدَأ باستقصاء النظر في الاختلاف عن ابن عيينة عن الزهري، ثم بالنظر في رواية غيره عن الزهري، ثم برواية غير الزهري عن عمرة. والطحاوي عدل عن هذا، فأخذ إحدى الروايتين عن ابن