للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[٢/ ١١٤] الوجه السادس: أن في «الصحيحين» (١) من حديث هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: «لم تُقطَع يدُ سارقٍ على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - في أدنى من ثمن المِجَنِّ: تُرْسٍ أو حَجَفةٍ. وكان كل واحد منهما ذا ثمن». فقولها: «تُرس أو حَجفة» يدل أنها لم تعرفه، وإذا لم تعرفه لا يمكنها أن تُقوِّمه.

وقولها: «وكان كل واحد منهما ذا ثمن» ظاهر في أنها لم تعرف ثمن ذاك المجن، وإلا لَبيَّنته لتتم الفائدة المقصودة.

فإن قيل: لا يلزم من عدم معرفتها بقيمة ذاك المجنّ أن لا تعرف قيمة غيره مما قَطَع فيه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - .

قلت: قد قطع النبي - صلى الله عليه وسلم - سارقَ رداءِ صفوان، وكان ثمنه ثلاثين درهمًا (٢). وقطع يدَ المخزومية التي كانت تستعير الحُلِيَّ وتجحده (٣). وهاتان الواقعتان ليس فيهما ربع دينار، فكيف تأخذ عائشة منهما أو من إحداهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقطع في ربع دينار.

فإن قيل: لعلها أخذت ذلك من واقعة أخرى غير هذه الثلاث.

قلت: لا يُعرَف ذلك، ولو كان ذاك عندها لما احتاجت أن تقول ما رواه هشام عن أبيه عنها، بل كانت تذكر ذاك الشيء الآخر الذي عَرَفَتْ قيمته،


(١) البخاري (٦٧٩٤) ومسلم (١٦٨٥).
(٢) أخرجه مالك في «الموطأ» (٢/ ٨٣٤) عن صفوان بن عبد الله بن صفوان مرسلًا. ووصله النسائي (٨/ ٦٨، ٦٩) وابن ماجه (٢٥٩٥).
(٣) أخرجه مسلم (١٦٨٨/ ١٠) من حديث عائشة.