للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ورواه مسلم (١) عن حرملة والوليد بن شجاع عن ابن وهب، وقالا في المتن: «لا تُقطَع اليدُ إلا في ربع دينار فصاعدًا». وهذه رواية بالمعنى بالتصريح بمفهوم المخالفة، والأولون أكثر وأثبت.

وأخرج الإمام أحمد في «المسند» (ج ٦ ص ٣٦) (٢) عن عتَّاب، وأخرج النسائي (٣) عن حبان بن موسى، كلاهما عن ابن المبارك، عن يونس، عن الزهري، عن عمرة، عن عائشة مرفوعًا: «تُقطع اليدُ في ربع دينار فصاعدًا». وهذا أثبت مما تقدم، لأن ابن المبارك أثبت من ابن وهب، وكان يقول: كتاب يونس صحيح. وكان من عادة ابن المبارك تتبُّعُ [٢/ ١١٨] أصول شيوخه، فالظاهر أنه أخذ هذا عن يونس من أصل كتابه. ويشهد لذلك أنه لم يذكر عروة، وبقية الرواة عن الزهري غير يونس في رواية ابن وهب لا يذكرون عروة، وحديث عروة عن عائشة ليس بهذا اللفظ.

وفي «الفتح» (٤): «يحتمل أن يكون لفظ عروة هو الذي حفظه هشام عنه، وحمل يونس حديثَ عروة على حديث عمرة، فساقه على لفظ عمرة. وهذا يقع لهم كثيرًا».

أقول: وإنما يتصرف يونس هذا التصرف إذا حدَّث من حفظه أو من فرعٍ خرَّجه من أصوله. فأما إذا حدَّث من أصله فإنما يكون على الوجه. فبان بهذا أن ابن المبارك أخذ الحديث عن يونس من أصل كتابه، ولِقوَّة هذه الرواية


(١) رقم (١٦٨٤/ ٢).
(٢) رقم (٢٤٠٧٩). وفي (ط): «ص ٣١١» خطأ.
(٣) (٨/ ٧٨).
(٤) (١٢/ ١٠٤).