للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبهذا بان ضعفُ الوجه الأول، بل ظاهره باطل؛ لأنه يعطي أن القطعَ لم يقع في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا مرة واحدة في ذاك المجن. وقد ثبت قطعُ سارق رداء صفوان الذي كانت قيمته ثلاثين درهمًا. وثبت قطعُ يد المخزومية التي كانت تستعير الحلي ثم تجحده.

وأما الوجه الثاني، فقد اختُلِف على عبدة كما رأيت. وكذلك اختُلِف على ابن المبارك. رواه النسائي (١)، عن سويد بن نصر، عن ابن المبارك، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة: «لم تُقطَع يدُ سارقٍ في أدنى من حَجَفةٍ أو تُرْسٍ، وكلُّ واحد منهما ذو ثمن».

وهذا على الوجه الثالث كما ترى. فبان رجحان الوجه الثالث، لأنه رواه عن هشام [٢/ ١٣٩] أبو أسامة، ولم يُختلَف عليه فيه. ورواه ابن نمير، عن حميد، عن هشام؛ وابنُ نمير أثبتُ من عثمان بن أبي شيبة. ورواه سويد بن نصر، عن ابن المبارك، عن هشام.

وقد رجَّح الشيخان والنسائي الوجه الثالث.

أما البخاري، فساقها على هذا الترتيب، ثم عقَّب بحديث ابن عمر، فأشار ــ والله أعلم ــ بالترتيب إلى ترتيبها في القوة. فالثاني أقوى من الأول، والثالث أرجح منهما. أو قل: أشار إلى أن الثاني يُفسِّر الأول من وجه، والثالث (٢) يُفسِّرهما جميعًا. وأشار بالتعقيب بحديث ابن عمر إلى أن هذا


(١) (٨/ ٨٢).
(٢) في (ط): «والثاني». وذكر الشيخ الألباني في تعليقه أنه كذا في الأصل، والظاهر أن الصواب: والثالث. وهو في مسودتنا على الصواب كما قال الشيخ.