للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن المضطر، وما يُروَى عن بعض السلف أنه لا قطع في زمن المجاعة (١).

فإن قيل: إن المقدار لم يتغير في المعنى، لأن السِّلَع كلها أو غالبها تساير المجنّ، فالسلعة المسروقة التي تكون قيمتها خمسةً حين بلغ ثمنُ المجنِّ خمسة، كانت قيمتها ثلاثة حين كانت قيمة المجن ثلاثة، وهكذا الدراهم نفسها، فإن الثلاثة كانت أولًا تُغْني غَناءً لا تُغْنيه أخيرًا إلا الخمسة (٢) مثلًا.

قلت: هذا كله لا يُغْني فتيلًا فيما نحن بصدده. ثم هو غير مستقيم، فقد تغلو سلعة وترخص أخرى، ولا تزال تضطرب قيمتها ارتفاعًا وانخفاضًا إلى يوم القيامة. ولماذا إذا كان لوحظ ذاك المعنى وقع التحديد أخيرًا بالعشرة؟ وقد يزيد الاتساع، فتصير خمسة عشر لا تُغني إلا غناء الثلاثة، وقد يعود الضيق ويشتد أشدَّ مما كان أولًا. والمعروف إنما هو ضبط أثمان السلع بالدنانير والدراهم، لا ضبط الدنانير والدراهم بالسلع، فكيف بسلعةٍ لا تنضبط؟

وقد أطلتُ في ردِّ هذا المسلك، مع أنه لا يحتاج في ردِّه إلى هذا كلِّه، ولكن دعا إلى ذلك شهرةُ قائله. والله المستعان.


(١) قلت: يشير إلى ما روي عن عمر رضي الله عنه أنه قال: «لا قطع في غدق، ولا في عام سنة». لكن في سنده جهالة كما بينته في المصدر السابق (٢٤٩٦). [ن].
(٢) (ط): «لخمسة».