[٢/ ١٦٥] وأما السادس، فقوله تعالى:{وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ}[البقرة: ٢٢٨] الكلام فيه على التوزيع، أي: لا يحل للمرأة أن تكتم ما خلق الله في رحمها. والنهي عن الكتمان يقتضي أنه مظنة أن يقع، وإنما يظن بالمرأة أن تكتم حيث كان لها غرض. فمآل النهي عن الكتمان إلى الأمر بالاعتراف، فغايةُ ما في هذا الدلالةُ على أنه يُقبل منها الاعتراف. فإذا ذكرت أنها قد تمَّت أقراؤها كان هذا اعترافًا بأنه لا نفقةَ لها، وادعاءً لأنه لا رجعةَ للزوج عليها. فيُقبل منها الاعتراف، ويُنظر في الادعاء، فإن قُبِل منها الادعاء أيضًا، فهل تجعلون الولادة من هذا القبيل؟
فإن قلتم: نعم، لزمكم أن تقبلوا قول الأم نفسها: هذا ابني من فلان، وتُثْبِتوا بذلك نسبه وميراثه وغير ذلك.
فإن قلتم: إنما موضع الاستنباط أن الآية أشعرتْ بأنه يُقبل قول المرأة في الحيض والحمل، وأن علة ذلك هو أنه يتعسر العلم بذلك إلا من جهتها؛ فقلنا: والولادة يعسر العلم بها إلا من جهة النساء، فأخذنا من ذلك قبول شهادتهن (١) فيها.
قلنا: أما قبول قولها وحدها في حيضها وحملها، فهذا مما تختصُّ هي بمعرفته دون غيرها. والولادة ليست كذلك، بل يطلع عليها غيرها من النساء. أفرأيتم إذا أخذتم من ذلك قبول شهادة النساء على الولادة، فمن أين أخذتم أنها تكفي امرأة واحدة؟ فقد تحضر عدة قوابل، وقد تحضر مع القابلة