للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعثمان وطلحة والزُّبير شهدوا عندي على شِراك نعلٍ ما أجزته" (١).

وليس هذا رأي عمرٍو وحده، بل كلُّ مَن يعتقد عقيدةً مستندًا فيها إلى عقله يزعم أنها يقينيَّةٌ عنده، بحيث يستحيل أن يجيء يقينٌ بخلافها.

قال الغزالي: "أمَّا اليقين فشرحه أنَّ النفس إذا أذعنت للتصديق بقضية من القضايا وسكنت إليها فلها ثلاثة أحوال:

أحدها: أن تتيقَّن وتقطع به .... بل حيث لو حُكي لها عن نبي من الأنبياء أنه أقام معجزة وادَّعى ما يناقضها فلا تتوقف في تكذيب الناقل، بل تقطع بأنه كاذب، أو تقطع بأن القائل ليس بنبي، وأنَّ ما ظن [ب ١٤] أنه معجزة فهي مخرقة (٢)، وبالجملة فلا يؤثِّر هذا في تشكيكها بل تضحك من قائله وناقله .... " (٣).

وقد عرّفتك أن كلَّ معتقد عقيدة مسندًا لها إلى العقل يزعم أنها يقينية. ومعنى ذلك أنه لو لقي النبي صلَّى الله عليه وآله وسلَّم فشافهه النبي صلَّى الله عليه وآله وسلَّم بما يخالف تلك العقيدة لكذّبه، والعياذ بالله. [١٩]

فلا تحسبنْ هندًا لها الغدر وحدها ... سجيةَ نفسٍ، كلُّ غانيةٍ هندُ (٤)

ولكن القوم إذا جاء دليل شرعي يخالف عقيدتهم فتارة ينكرون ثبوته


(١) انظر ترجمته من: تهذيب التهذيب وغيره، وانظر: الاعتصام ١/ ٣٠٩ - ٣١٣، وتاريخ الخطيب ١٢/ ١٧٠ - ١٨٨. [المؤلف]
(٢) ما عُمِل بتمويهٍ وخداعٍ. انظر: تاج العروس، مادَّة (مخرق).
(٣) المستصفى ١/ ٤٣. [المؤلف]
(٤) البيت لأبي تمام، ديوانه ٢/ ٨١.