ومنها: أن روح الصلاة الخشوع، والنفسُ تتنازعها الخواطرُ فلا يثق المؤمن بأنه خشَع كما يجب. فإن حاولت نفسُ المؤمن أن تُقنِعه بإخلاصها في نيتها واجتهادها وخشوعها خشي على نفسه أن يكون مغرورًا مسامحًا لنفسه.
وهكذا تستمرُّ خشيةُ المؤمن بالنظر إلى طاعاته السالفة، يرجو أن يكون قَبِلها الله تعالى بعفوه وكرمه، ويخشى أن تكون رُدَّت لخللٍ فيها، وإن لم يشعر به، أو لخلل في أساسها وهو الإيمان.
هذه حال المؤمن في الطاعات، فما عسى أن تكون حاله في المعاصي؟ وقد قال الله تبارك وتعالى: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ (٢٠١) وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لَا يُقْصِرُونَ} [الأعراف: ٢٠١ - ٢٠٢].
فالمؤمن يتصارع إيمانه وهواه. فقد يُطيف به الشيطان، فيُغفِله عن قوة إيمانه، فيغلبه هواه، فيصرعه. وهو حالَ مباشرة المعصية ينازع نفسَه، فلا تصفو له لذتها، ثم لا يكاد جنبُه يقع على الأرض حتى يتذكَّر، فيستعيد قوة إيمانه، فيثِبُ يعَضُّ أناملَه أسفًا وحزنًا على غفلته التي أعان بها عدوَّه على نفسه، عازمًا على أن لا يعود لمثل تلك الغفلة.
وأما إخوان الشياطين، فَتمُدُّهم الشياطين في الغيِّ، فيمتدُّون فيه، ويمنُّونهم الأماني فيقنعون. فمِنَ الأماني أن يقول: اللهُ قدَّره عليَّ، فما شاء فعل. قد اختلف العلماء في حُرمة هذا الفعل. قد اختلفوا في كونه كبيرة، والصغائر أمرها هَيِّن. لي حسنات كثيرة تغمر هذا الذنب. لعل الله يغفر لي. لعل فلانًا يشفع لي. سوف أتوب! وأحسنُ حاله أن يقول: أستغفر الله، أستغفر الله، ويرى أنه قد تاب ومُحِيَ ذنبه.