وكمنفعة البدن، كالذي يصوم ليصحَّ، ويصلِّي التراويح لينهضم طعامه. وكموافقة الإلف والعادة كمن اعتاد الصلاة من صباه، فيجد نفسَه تُنازِعه إلى الصلاة فلا تستقرّ حتى يصلي؛ فإن هذا قد يكون كالذي اعتاد العبث بلحيته، فيجد نفسَه تنازعه إلى ذلك، حتى لو كفَّ عن ذلك أو مُنِع منه شقَّ عليه. وكحبِّ الترويح عن النفس، كالذي يأتي الجمعة ليتفرج، ويلقى أصحابه، ويقف على أخبارهم. وكمراعاة الناس لكي يمدحوه ويُثنوا عليه، فيعظُم جاهه، ويصل إلى أغراضه، ولا يمقتوه، إلى غير ذلك من المقاصد، كالمرأة تتزين وتتعطر وتخرج إلى الصلاة لتشاهد الرجالَ وتلفتَهم إليها. وكالعالم يريد أن يراه الناس ويعظِّموه ويستفتوه، فيشتهر علمه، ويعظم جاهه. وكالمنتسب إلى الصلاح يريد أن يعظِّمه الناس ويقبِّلوا يديه ورجليه، ويشتهر ذكره، ويتساقط الناس في شبكته. وكالحاكم النابه يريد أن يتطاول الناس إلى رؤيته، ويتزاحموا، وترتفع أصواتهم بمدحه وغير ذلك.
والمؤمن ولو خَلَصت نيته في نفس الأمر لا يستطيع أن يستيقن ذلك من نفسه.
[٢/ ١٩٥] والمؤمن يخاف ويخشى أن لا يكون أتى بالطاعة على الوجه المشروع، وذلك من أوجه:
منها: أن للصلاة مثلًا شرائط وأركانًا وواجباتٍ قد اختُلِف في بعضها، والمجتهدُ إنما يراعي اجتهاده، فيخشى أن يكون قصَّر في اجتهاده أو استزلَّه الهوى. والعامّيُّ إنما يتبع قول مفتيه أو إمامه أو بعض فقهاء مذهبه، فيخشى أن يكون قصَّر أو تبع الهوى في اختيار قول ذاك المفتي، أو في الجمود على مذهب إمامه في بعض ما اختُلِف فيه.