للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لخّصت هذه العبارة من "المواقف" و"شرحها" (١).

قال العضد (٢): "هذا إنما يلزم المعتزلةَ القائلين بمماثلة الجهل للعلم".

قال الشارح (٣): "أما نحن (أي الأشعرية) فنقول: إذا حصل للناظر العلم بالمقدمات الصادقة القطعية وبترتيبها المُفْضي إلى المطلوب، فإنه يعلم بالبديهة أن اللازم عنه علم لا جهل".

أقول: إذا كان القادحون يسلّمون إمكان علم الناظر بأن نظره صحيح علمًا يقينيًّا باتًّا، فلا ريب في سقوط شبهاتهم هذه والسبع الباقية المذكورة في "المواقف" (٤). وإن كانوا يمنعون ذلك ويقولون: غايته أن يجزم، وهذا الجزم لا يوثق به، فكلامهم قويّ بالنسبة إلى النظر المتعمّق فيه في الإلهيات ونحوها. وليس فيما أُجيب به عن ذلك ما يُجدِي، إذ غايته أنه إذا عُلِمَت صحة النظر علمًا يقينيًّا باتًّا حصل العلم بالنتيجة قطعًا، وحصل العلم بأن ذلك علم، وحصل العلم بعدم المعارض، وحصل الأمن من أن يكون الاعتقاد جهلًا. وهذا إنما يفيد إذا ثبت إمكان العلم اليقيني الباتّ بصحة النظر، فيبقى البحث في هذا الإمكان. ولا ريب أنه ليس عند الناظر في النظر المتعمّق فيه في الإلهيات ونحوها إلا جزمه بالصحة إن صَدَق في دعوى الجزم، وهذا الجزم قد ثبت بالتجارب الكثيرة والدلائل الواضحة أن مثله كثيرًا ما يكون [٢/ ٢٢٣] خطأ وغلطًا، واعترف المتعمّقون بذلك كما مرّ


(١) (١/ ٢٣٤).
(٢) "المواقف" (ص ٢٦).
(٣) (١/ ٢٣٤).
(٤) (ص ٢٤ - ٢٥).