للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وترتيب كلام، بل بنور قذفه الله تعالى في الصدور، وذلك النور هو مفتاح أكثر المعارف". نقله عنه شارح "العقيدة الأصفهانية" (ص ٩٤ - ٩٥) (١)، ونقل عنه (ص ٩٨) (٢): "وكان قد حصل معي من العلوم التي مارستُها والمسالك التي سلكتُها في تفتيشي عن صنفَي العلوم الشرعية والعقلية إيمانٌ يقيني بالله تعالى، وبالنبوة، واليوم الآخر. وهذه الأصول الثلاثة كانت رسخت في نفسي بلا دليل محرّر، بل بأسباب وقرائن وتجارب لا تدخل تحت الحصر تفاصيلها".

أقول: وذاك النور الذي يقذفه الله تعالى في الصدور ليس لكل أحد، فإنه لم يحصل لمنكري البديهيات، وقد ذكر الغزالي أنه بقي نحو شهرين على الشكّ. بلى قد يقال: إنه في الأصل بالنسبة إلى الضروريات عامٌّ، ولكن من خاض في النظر المتعمَّق فيه وحاول اكتساب اليقين من جهة النظر احتجب عنه ذلك النور. فإن استمرَّ على ذلك استمرّ على الشك كالسوفسطائية، وإن رجع إلى القناعة بالفطرة عاد له ذلك النور كما وقع للغزالي. وكذلك ليس قذفُ النور محصورًا في الضروريات العقلية التي يعنيها (٣) الغزالي، بل يتناول جميع القضايا العقلية التي لا يثبت الشرع بدونها، ولكن حصوله فيها كلِّها موقوف على صدق الرغبة في الحق والخضوع لما ظهر منه، وإيثاره على كلّ هوى.

والأسباب والقرائن والتجارب التي تُحصِّل الإيمانَ اليقيني بالله تعالى


(١) (ص ٥٨١) ط. دار المنهاج.
(٢) (ص ٥٩١). وهو في "المنقذ من الضلال" (ص ١٣٤).
(٣) (ط): "يعينها" خطأ.